وموضوع إطاعة الأوامر هو مما يدرك الناس جميعاً وجوبه، استناداً إلى قانون الملكية والمملوكية، والمولوية والعبودية..
فإذا انتفى الأمران السابقان تعين الأمر الثالث، وهو أن يكون النبي آدم عليه السلام عالماً بما هو راجح في الواقع، ولكن رأى أنه قد عرضت له عناوين جعلته مرجوحاً في مرحلة الظاهر، أو العكس..
فالنبي آدم عليه السلام قد ترك الأولى في الواقع وعمل بالأولى، في مرحلة الظاهر..
فالصدق مثلاً أمر حسن في الواقع، لكن إذا كان يوجب قتل نبي، فإنه يصبح قبيحاً [في مرحلة الظاهر]..
ثانياً: إن لنا تحفظاً على ما ذكره العلامة الطباطبائي رحمه الله من حيث أن كلامه يوحي بأن عصمة الأنبياء تختص في أمور الدين من جهة تبليغها..
مع أن عصمتهم [عليهم السلام] لا تختص بهذه الناحية، بل هم معصومون في كل شيء من أمور الدين والدنيا، في التبليغ وفي غيره، وفي القول والفعل، والحفظ، وغير ذلك..
ثم إن السياق في الآيات التي ذكرت قضية النبي آدم قد جاء ليؤكد على أن ثمة اتجاهاً بيانياً واضحاً، لإبعاد هذه القضية عن توهم أن ثمة معصية حقيقية، ونجد الكثير من المفردات التي تسهم في بيان هذه الحقيقة، وقد ذكرنا العديد منها في سياق البحث في هذا الكتاب، وبقي بعض من ذلك نشير إليه بصورة تقريرية سريعة هنا.