فقد رده العلامة الطباطبائي [قده]:
أولاً: بأن آيات سورة البقرة قد دلت على أن التوبة وقعت بعد الهبوط إلى الأرض. وهذه الكلمات قد صدرت من آدم عليه السلام قبل الهبوط كما في سورة الأعراف.
ثانياً: بل الظاهر هو أن قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا}.. تذلل وخضوع قبال ندائه تعالى، وليس دعاء بالكلمات المتلقات[58].
ثم ذكر أخيراً.. أنه تعالى حين يعود إلى آدم عليه السلام ليستنقذه بلطفه، ويمده بعونه، ويقوي ضعفه، ويرفع عجزه، فإنما يفعل ذلك من حيث هو تواب كثير العودة إلى عباده، لمساعدتهم، وسد الخلل الذي يعانون منه، وإن عودته هذه إليهم إنما هي من موقع رحيميته بهم، التي يحتاجونها، لتقوي ضعفهم، ولتسدّ الخلل، وترفع النقص..
ذاقا.. أكلا.. أزلهما عنها:
واللافت: أن الآيات الكريمة قد عبرت تارة بـ {ذَاقَا}.. وأخرى عبَّرت بـ {أَكَلا مِنْهَا}.. وثالثة بـ {أَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا}..
وواضح: أن ثمة عناية خاصة في إبراز بعض الخصوصيات من خلال هذا التنوع في التعابير.
فهو حين يقول: {ذَاقَا}.. فإنه يكون قد بين أن الأكل لم يكن مجرد إيصال جزء من تلك الشجرة إلى جوف آكليه، فإن ذلك قد لا يكون هو المؤثر في سقوط الحجاب، وظهور السوءات.
بل المؤثر هو التفاعل مع حقيقتها، والإحساس بخصوصيتها، من خلال تذوق طعمها..
ولذلك جاء التعبير ليعطي أن ما حصل كان اختراقاً، وخروجاً، وتجاوزاً للحدود المرتبطة بالشأن التكويني {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا}..
وقوله: {فَأَزَلَّهُمَا}.. يشير إلى الاسترسال والجري، وفق السجية، واعتماداً على ظاهر الحال..