لم يكن بعدها منادى صريح بل عدّ المنادى محذوفاً وهو منهم .
وينفي أن تشكل (يا) مع النداء جملة، بل هما يشكلان تركيباً لفظياً ليس فيه معنى فعل مقدّر، ويضيف: ولا يصح عدّه في الجمل الفعلية كما قصد النحاة إليه، واللافت أنّ المخزومي عمّم فقال (النحاة) ولم يقل بعضهم فكأنهم المخطئون وهو الوحيد الذي أصاب .
بعد ذلك انتقل إلى حركات المناديات وأيَّد بقوة ما جاء به الخليل بن أحمد الفراهيدي تأييداً مطلقاً.
لا يقنعنا اعتبار المنادى مركباً لفظياً بمنزلة أسماء الأصوات ولا يعدها جملة ألقيت فكيف يصحّ ذلك؟ وهل اسم الصوت مركب لفظي؟
وأما كتاب الأساليب الإنشائية في النحو العربي لعبد السلام هارون فكان مختصراً جداً ففي بحث النداء ؛ عرّف النداء ثم عرض لأدواته وأنواعه ، ووقف عند نداء (يالله) و (يا هذا) وما لا يصح نداؤه ، وما لا يكون إلا في أسلوب النداء والأسلوب الناقص في النداء ويقصد حذف المنادى أو حذف حرف النداء، ويتبع أبا حيان الأندلسي في اعتبار (يا) هنا للتنبيه. وإذا كان من تعليق على الكتاب فهو ملاحظة واحدة، هذا الكتاب مختصر يمكن نعته بالاختصار المُخلّ وأنا مطمئن البال.
لقد وصلت بعد عرض هذا البحث إلى عدد من النتائج يمكن تلخيصها بما يلي:
لخصّ الغلاييني بحث النداء تلخيصاً شديداً واعتمد فيه على الأمثلة والجمل، ووجدت أنه تبع القدماء في ترتيب البحث بكل عناوينه.
توسّع عباس حسن كثيراً في بحث النداء وكانت حواشيه وإحالاته وزياداته عبئاً ثقيلاً على القارىء.
لم يتخلَّ عباس حسن عن التعريفات والأحكام الخاصة والآراء المختلف فيها فهو لم يُشذّب بحثه بل سهّل عبارته في جوانب وظلت صعبة في جوانب أخرى.
تميّز كتاب النحو الميسر للدكتور محمد خير حلواني عن غيره من كتب النحو العامّة بعدد من المميزات كالتقسيم والتبويب الجديدين اللذين سهّلا تناول البحث، والاستشهاد من الشعر وتخليص البحث تخّلص الحلواني من كثير من القواعد والأحكام التي اختلف حولها القدماء
ضرورة تأليف مناهج درسية تعليمية تقدم على مبدأ التسلسل المنطقي التصاعدي من الأدنى فالأعلى حتى نصل إلى المرحلة الجامعية.
لم يُوفق من دعا إلى تجديد النحو أو تيسيره فليس الغرض منه الحذف أو الزيادة، إنما التيسير في عرض المادة ومناقشتها وتقديمها بحسب المتعلِّم، فالأصول تبقى ثابتة فلا يجوز أن يظل يا صاحِ للطالب في المرحلة الابتدائية، وكذا يا ابن عمَّ ويا ابن أمَّ وليست أدوات النداء للتنبيه، و(يا) مع ما بعدها تشكل جملة وليست تركيباً لفظياً وليست مثل اسم الفعل، وليست العَلَم الوحيد هو من يُعتمد في آرائه فقط فثمة علماء كثيرون والمناقشة تكون بعرض كلّ الآراء ومن ثم الحكم عليها.
وبعد، فهذا بحث النداء كما رأيته وقرأته في كتب الأقدمين أشهرها وأهمّها، وفي كتب المحدثين أفضلها، وفي كتب المراحل الدراسية بدءاً من الابتدائية وانتهاءً بالجامعية، وقد كان عرض البحث بحسب التسلسل التاريخي الأول أي عند القدماء لنرى ما أخذه اللاحقون عن المتقدّمين، وقد وجدت أنّ ما جاء به سيبويه ظلَّ الأصلَ المعتمد خلا بعض الإشارات والآراء التي لا تخرج على الأصل، وخلا بعض العناوين التي اقتضاها البحث في مرحلة لاحقة من التأليف، وقد حاولت أن أقارن وأوازن بين تلك الكتب مع الإشارة إلى ما تميز به هذا الكتاب أو ذاك إن كان هناك من تميُّز، ولا يجد المطّلع على تلك الكتب فوارق أساسية أو مهمّة فكان معظم ما ورد تكراراً وإعادة مع مناقشة الآراء واختلافها بين بعض النحويين.
أما كتب المحدثين فقد وجدت أن ثمة خلافاً في طريقة عرض البحث ولا خلاف واضحاً في المادة العلمية اللهم إلا التبسيط أو الشرح أو التفسير، أو إعادة الباب أو البحث بطريقة منهجية أكثر مّما هي عليه عند القدماء، وعابَ بعض تلك الكتب الزيادات و الاستطرادات التي كان يفترض التحلّل منها وترك كثير منها لتناسب عصر المؤلف، وليس القصد الحذف لمجرد الحذف أو الاختصار ونحن ننتظر التجديد والتيسير الذي هدف إليه عددٌ من العلماء وقد وقفنا على أهم تلك المحاولات ورأينا أن معظم الذين طرقوا هذا الجانب لم يوفقوا ولم يصلوا إلى مرادهم الذي حاول كثيرون الوصول إليه، وقد رأيت أنَّ أفضل ما كُتب في هذا الجانب هو كتاب النحو الميّسر الذي ألفه الدكتور الحلواني.
أما الكتب المدرسية والجامعية فالكلام