الرياضي المنطقي قد أصيب ، وقد أخطئ ، وأتمنى أن أكون من الأول لا الثاني ، أضعها بين أيدي المختصين ، فهي قواعد أولية ربما لحقتها قواعد أكثر تعقيداً نريد منها الوصول إلى بعض الأحكام الصحيحة بعد الأحكام الخلافية التي ورثناها من شكل الكلمة وما زلنا نحافظ عليها ، ونستطيع بلا قرارات رسمية أن نصححها ونيسرها ، وهي ـ كلها ـ لا تخالف أيّ قاعدة ، وهي قبل كل ذلك لا تريد هدم قاعدة ، ولا حذف قاعدة ، بل التيسير القائم على العلم والتحليل ، وسيجد فيها من سيقرؤها مادة أولية ميسّرة أرجو أن تكون بداية حوار بين المؤسسات التعليمية والثقافية عسانا نصل في يوم إلى الحوار العلمي البعيد عن كل شيء لا يخدم لغتنا ، لأنها الباقي الوحيد بين مجتمعاتنا ، ولنكن على حذر مما يغزونا من فضائيات العالم العربي قبل العالم الغربي ، فنحن نكتب بلغة عربية ، ونقرأ بلغة عربية ، ونشاهد لغة عربية أُريد لها ما أريد ، وإن لم نوقف بعض محطاتنا ذات الخلاعة اللغوية فإننا سننشئ جيلاً يعرف كل اللغات ما عدا اللغة المقروءة والمكتوبة .
لا يُقصد بهذه الجملة الضعف في القاعدة النحوية ، ولا التشتت في الأحكام، فالمواضع التي جاز فيها الوجهان لا تصل إلى خمسين ، وهذا عددٌ قليل جداً إذا ما قيس بقواعد العربية وأحكامها ، وهي تستند إلى قواعد نحوية لا تسير على أهواء أصحابها ، وتتفرع منها قواعد ،لكنها ـ كلَّها ـ تنتظم في قاعدة جديدة .
إن ضبط الألفاظ والكلمات في الجمل التي يُراد إعرابها هو الذي يقلل من تجويز الوجهين في معظم المواضع ، فكم من قاعدة جاز فيها الوجهان ، لأنَّ بعضهم قرأ الكلمة بلفظ غير اللفظ الذي قرأه غيره ، فهل أقول إنها تشبه القراءات القرآنية ؟ لقد جاز الوجهان في ترخيم النداء ، وترجيح وجه على وجه واضحٌ في الشواهد ، وكذا التبع على اللفظ الذي رُجّح على التبع على المحل ، ومثل هذا كثير .
ثمة قواعد يمكن التخفيف من الخلاف النحوي فيها إذا اعتمدنا القاعدة الإملائية ، من هذا (ألاّ) مدغمة و(أن لا) وهذه من المشكلات التي تعترض الطالب في الإعراب ، كيف يكتبها ؟ وكيف سيعرب الفعل المضارع بعدهما ؟.
إن اعتماد قاعدة إملائية سهلة تعتمد الشكل يؤدي إلى التمييز بينهما بسهولة ويسر ، ويقود إلى الإعراب الذي لا لبس فيه ، ولا وجهان ، ونكون ـ بذلك ـ قد خففنا عن الطالب قاعدة تصعب عليه ، ما زالت منذ قديم الزمان وما زال الخلاف يجوّز وجهين في إعراب المضارع بعدهما إلاّ إذا كان مضبوطاًَ ، أو فيه دليل حسّي كالمضارع الذي من الأفعال الخمسة .
يمكن اعتماد القاعدة الإملائية التالية :
آ ـ إذا كتبت مدغمة (ألاّ) أعربت مؤلفة من أن الناصبة ، ولا الزائدة النافية ، وبعدها الفعل المضارع منصوب ، قال تعالى وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ.
ب ـ أما إذا كتبت مفككة مؤلفة من (أن) و(لا) فتكون مخففة من الثقيلة ، و(لا) زائدة نافية لا عمل لها ، وما يؤيد هذا ويسنده الشواهد الكثيرة جداً التي وردت فيها أن المخففة وقد وليها (لا) ، ثم إنَّ المخففة يفصل بينها وبين خبرها فاصل ، ومن الفواصل (لا) قال الشاعر :
يظنان كلّ الظنّ أن لا تلاقيا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
إنَّ اعتماد هذه القاعدة لا يكلّفنا الكثير ، إلاّ الكتابة الصحيحة في كتبنا ومناهجنا، ولا تحتاج منا إلى إعادة التفكير ولا عقد المؤتمرات والندوات ،وليبدأ الأمر من كتب أطفالنا ليكبروا ومعهم قاعدة سهلة لا تعقيد فيها ولا غموض ، ولا نعمّق الخلاف القديم !! .
أمّا ما ورد في القرآن الكريم فهو رسم المصحف الذي لا نعتمد القاعدة الإملائية المعاصرة فيه .
ولا أظنُّ أن ثمة مشكلة كبيرة سيسببها هذا التمييز الواضح البيّن ، ما دام فيه مصلحة اللغة والنحو والطالب الذي يريد أن يتعلّم لغته ، أو يبتعد عن المشكلات والصعوبات التي تعترضه كي لا ينفر من قواعد قيل عنها صعبة وفي ما ذكرت شيءٌ من المنطق العلمي المُعْتَمَدِ في النحو العربي والإملاء .
من القواعد التي لا نزال نحفظها ونعلّمها طلابنا أنَّ الحرف المشبه بالفعل إذا دخلت عليه (ما) كفته عن العمل وأُعربت (كافة ومكفوفة) فلم تعد بحاجة إلى اسم وخبر ، وهيأت الأداةُ (ما) الحرفَ للدخول على الجملة الفعلية ، فهذا يعني أنَّ الجملة ستكون استئنافية ، أي بداية كلام جديد ، وهذا يقودنا إلى أن الأداة (أنَّ) بفتح الهمزة يجب أن تكون ضمن القاعدة .