هذا عددٌ من الأوراق النحوية نقرؤها قراءة معاصرة ولكن ليس بعيداً عن القاعدة الصحيحة ، وليس القصد منها رفض القديم ، وطلب الجديد ، إنما القصد منها أن نعيد قراءة بعض قواعدنا قراءة متأنية بعد عصور طويلة تركناها تتكرر في كل مصادرنا ، ثم نقلناها إلى المراجع الحديثة فالكتب المدرسية والجامعية ، ولمّا حاول بعضنا تيسير النحو ظنّ أن التيسير يكون في حذف بعض القواعد ، أو في اختصار بعض الأبحاث، بل وصلت الجرأة عند بعضهم إلى حذف أبحاث مستقلة ، وأدوات كثيرة وجد أنَّها غير جديرة ، ولا تقدم أي فائدة ، وحاول بعضنا الآخر التيسير فوجد أن نعيد صياغة النحو صياغة جديدة كالقصة أو الحكاية فوقع في شركٍ لم يستطع الخروج منه ، وكثرت محاولات التيسير والتسهيل ، وعقدت لها المؤتمرات والندوات ، وخرجت بتقارير ، وقرارات لمّا ينفذ منها حتى الآن أي قرار ، ماخلا قرارات صدرت عن مجمع القاهرة ، وإن كان في كثير منها كلامٌ يُقال ، لأنَّ بعض تلك القواعد يُسِّرت لتناسب خطأ الطالب أي لتثبت قاعدة الطالب التي لا يحفظها كما هي ، فيسَّرت لـه خطأه وجوَّزته ، فإذا ما سرنا في هذا التيسير العجيب فإننا سنظل إلى نؤلف نحواً خاصاً بالطلاب الضعاف أو لنقل ، إن الطالب هو الذي سيملي علينا نحوه الذي يريده …وقد يكون لهذا عددٌ من الأسباب يأتي في مقدمتها سببان رئيسيان ؛ الأول أن معظم ما يُسهَّل ويُيَسَّر يصدر عن غير المدرسين الذين يجب فيهم أن يعرفوا طرق التيسير لأنهم هم الذين يعانون ، ويعرفون نقاط الضعف والتقصير عند الطالب ، فغالباً ما تصدر هذه الدعوات عن مؤسسات رسمية ، ولكن لا صلة لها بالتعليم .أما السبب الثاني فهو أنَّ ما صدر من محاولات تيسير كانت جهوداً شخصية لكن معظمها إن لم نقل كلّها لم تلق ردوداً إيجابية ، بل صارت مجالاً للنقد والتحليل والدراسة فَذُمَّتْ ولم تُمدح لأنها لم تقدم ما أريد . بل قدَّمت رأياً شخصياً ، والرأي الشخصي لا يعمم على الملايين من الناس ، وإلا لكان عندنا محاولات بالمئات . وإذا كانت هذه الجهود قد صدرت عن مجامع لغوية فإنها غالباً صدرت عن مجمع القاهرة الذي أصدر عدداً من القرارات . لكنْ لم يؤخذ بها من الجميع فكأنه عمّق الهوة ، وزاد الخلاف ، فهو قد انفرد بكثير من الأحكام لكنها لم تكن صحيحة ، وكأننا في هذا نعيش حالة من الخلاف جديدة تتجاوز اللغة ، وربما أخذ مجمع القاهرة على عاتقه هذا الدور لأنه لم يجد بداً من العمل ، ولأنه لم يلقَ آذاناً صاغية لدعواته وربما ظن الآخرون أنهم سيكونون ملحقين بما يصدر ، وهذا أمر في غاية الخطورة ، فتركنا الحبل على الغارب لمن يريد أن يعمل على هواه ، وتركنا الآخرين في حالة سبات ربما ستطول ، ولكن نصحو في كل عام أو عامين مرة ، ولكن نجد أنَّ الزمن سبقنا سنوات تحتاج إلى أضعافها لنقف من جديد .إن الأوراق المقدمة هي أوراق للمناقشة والنقد أقدّمها مع التحليل العلمي