قدَّم د. الحلواني مادته منظَّمة مبوّبة بعد تعريف يعتمد الفكرة والتعبير واللغة ثم الدخول إلى البحث من خلال الشرح، وكان تأثير علم اللغة الحديث، وعلم الدلالة واضحاً في معظم ما قدّمه، ثم يبدأ توزيع البحث إلى فصول، وشعب، وجداول، وتشجير، وهذا واضح في الحديث عن النكرة والمعرفة (1/138-149) وحديثه عن (أو) التي تقع في جملة الأمر وجملة الاستفهام وجملة الخبر (2/734-735) وكذا الحال في تقسيم حروف العطف، والمعطوف … وقد عمد في هذا إلى المناقشة العلمية لكلّ ما قدّمه مستنداً في ذلك إلى الأحكام والآراء، وبمنطق علمي دقيق سليم، دفعه أحياناً إلى المقارنة بين بحثين مثل التمييز والحال (2/510) ، والتمييز والمضاف إليه (2/512) والتمييز المحول وغير المحول (2/523) .وكان في خلال كلامه يعرض لآراء النحويين ولا سيما القدامى وكان يفندها، أو يعلّلها، أو يرفض بعضها، أو يضعّف بعضها، وأحياناً يعرضها بلا تعليق، بل إنه كان يقدّم البحث بلا جديد فيه، وربما يعود هذا إلى طبيعة البحث نفسه الذي لا يجد فيه القارئ أياً كان مادة للمناقشة والتعليق مثل (فعلا التعجب) (1/203) و (أفعال المدح والذم) (1/208) ، و (اسم الفعل) (1/213) ، ثم كان يعرب بعض الجمل والشواهد التي أثبتها على المسألة، وينهي البحث بعدد آخر من الشواهد للتدريب.
ب ـ الأسلوب الذي كتب به:
تفاوت أسلوب الحلواني في التعبير عن البحث موضوع الدراسة بين السهولة الكبيرة، وبين الصعوبة التي تمثلت بمناقشة العلماء القدماء بلغتهم، فمن حالات السهولة جداً حديث عن سبب قولنا الحركة المقدرة على الياء للثقل، وعلى الألف للتعذر (1/30) وكذا حديثه عن حركة جمع المذكر السالم الذي تجاوز الصفحة قليلاً (1/36/37) والذي يمكن اختصاره بسطرين اثنين، ومثله الممنوع من الصرف (1/38) والأفعال الخمسة (1/65) فبعد أن كان يعرض لوجوه الخلاف بين النحويين بلغة سهلة جداً، استشهد بقراءة قرآنية ومثل هذا أنه كان يعرض لوجوه الخلاف بين النحويين بلغة تفوق المستوى الذي قدم به البحث كاملاً كالحديث عن الضميرين (أنا) و (نحن) (1/81) وصاحب الحال، والعامل فيها، فأنت تشعر أنك أمام كتاب مختص جداً من القرن الرابع الهجري (2/491-498) .ولا شك أن لغته كانت متميزة أو خاصة به استطاع أن ينفذ فيها إلى ما يريد، ونستشهد بعدد من الأمثلة على هذا، يقول عن وظيفة الإعراب: «وللإعراب في اللغة العربية وظيفة مهمة، فهو من القرائن اللفظية، والتركيبية التي تفرق بين المعاني النحوية، والمعاني الأسلوبية أيضاً» (1/24) بعد ذلك يستشهد بعدد من الشواهد والأمثلة والجمل في ضبط الكلمة الواحدة للتدليل على أن ضبط الحرف الواحد يفرق المعنى في تركيب الجملة كقوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء، وقولك: ما أجمل (بالفتح) وما أجمل (بالضم) .ويقول في الضمير: «للضمير في لغة العرب أهمية كبيرة، فهو كثير الاستعمال لأنه يؤمن للغة عنصر الاقتصاد الذي تسعى إليه» (1/70) ونقل عن بعض النحاة أنهم جوزوا عطف المتضايفين في الشيئين يصطحبان كاليد والرجل في قول بعضهم «قطع الله يد ورجل من قالها». ويتابع فيقول: «ويقال قياساً على هذا جئت قبل أو بعد العصر» (1/646) .ومن هذا أيضاً ما ذكره في تقديم (ما) خبراً على المبتدأ (1/245) يضيف فيقول: «فالتقديم والتأخير في الجملة العربية إذن وسيلة تعبيرية لأنهما يكونان واجباً لا اختياراً يقتضيهما التركيب في العبارة العربية..» (1/256) .