إن التحديد والدقة اللتين رأيناهما عند الحلواني تجديداً، وصلا به إلى التحديد والدقة في المصطلح، فكان عنده شيء من التجديد في المصطلح فلم يعتمد ما عُرف وعُهد على الأقدمين، بل إنه رفض تسمياتهم وصرّح بهذا، فقد رفض تسمية الفضلات التي سماها متممات الجملة، لما قد يجر من توهم الزيادة (1/27) .أما الاسم المتمكن فيعنون به أن اسميته أصلية صافية غير مشوبة بشبه الحرف (1/23) والمبتدأ المتمم هو ما يضاف إلى المبتدأ، أو يوصف به. وسمّى الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر «الأفعال التامة الناسخة» (1/307) وقال في خبر (كان وأخواتها): «وهذه التسمية مجرد اصطلاح لا يدل على واقع لأن الخبر ليس خبرها حقاً، بل هو خبر اسمها لأنه يخبر عنه لا عنها» (1/285) وفي التمييز يقول: «وههنا يمكن أن نصوغ قاعدة جزئية ومطردة هي أن التمييز يتضمن معنى (من) البيانية إلا أن بعضه يصلح لمباشرتها لـه» (2/509) . وعلل سبب تسمية حركات الإعراب الضم والرفع، والفتح والنصب، والكسر والجر … (1/26) .وزيادة في التوضيح كانت الدقة في الحكم على المصطلح كتقسيم الفاعل إلى فاعل نحوي، وفاعل حقيقي (1/347) وفي النداء قال: «إنَّ الذي يُعرّف قصد المنادى لا النداء لأنّ النداء في ذاته لا يعرف …» (2/543) ويكفي أن نقرأ الدقة في المصطلح عندما تكلم على الاسم المفرد:يقول: صرفياً: - يدل على واحد يقابل المثنى والجمع.- كلمة بسيطة غير مركبة.نحوياً: - لا مضاف ولا شبيه بالمضاف.لا جملة ولا شبه جملة.ليس من ألفاظ العقود (2/545) .ويؤيد كلامنا السابق أنَّ الحلواني حدد زمن المصطلح تحديداً دقيقاً، من هذا نائب الفاعل يقول فيه «تسمية هذا الباب نائب فاعل متأخرة أول من أطلقها فيما أرجح ابن مالك وكان يقال من قبل ما لم يسمّ فاعل أو المفعول الذي لم يسم فاعله» (1/367) . ومنه التركيب المزجي قال «لم يرد ذكر هذا المصطلح في كتب القدماء قبل القرن السابع، ولعلّه من وَضْع ابن مالك أو غيره من المتأخرين» (1/44) .وفي هذا ما يشير إلى أنّ الحلواني يؤيد كثيراً ابن مالك في بعض آرائه فقد ذكره غير مرة، وأيّده مثلاً في زيادة (من) بعد الشرط، وإعراب (أن) المصدرية قبل الفعل الماضي.
2- مناقشة القدماء:
تقدّم قبلُ أنّ الحلواني لم يكن يُسلّم بما قاله القدماء، بل خالفهم مرة وأيّدهم مرات، وناقشهم في كل ما كان فيه وجهة نظر، ورفض التأويلات التي لم تقدم شيئاً مفيداً، وما كان يدل على اضطراب، وتكلفهم في بعض ما أوردوه، وحاول الوقوف على مسائل ومشكلات ليجد حلاً لها مستنداً في هذا إلى العلم والمنطق الرياضي … وقد يكون ما توصل إليه صحيحاً لأنه اختص بدراسة الخلاف النحوي بين البصريين والكوفيين في غير دراسة وكتاب، ومن هنا نطمئن إلى ما سيقوله:آ ـ فقد أنكر عليهم عدم اهتمامهم بتوزيع