أسلوب الشرط
مقـدمـة
تحديد المصطلح «جملة أم أسلوب؟»قد يكون تحديد عنوان البحث أحد الأسباب التي دفعتني إلى الكتابة فيه، فما زلنا نختلف على تسميته: هل هو أسلوب الشرط، أم جملة الشرط؟ وقد يكون الأسلوب هو الأكثر صحّـةً، أو الأكثر استعمالاً لأن الكثيرين لا يزالون يتبعون تقسيم الجملة إلى قسمين: اسمية وفعلية، ويرفضون أن يكون هناك جملتان أخريان، الظرفية، والشرطية، وقد يكون كثرة الأحكام والآراء هي السبب الثاني، وقد يكون الخلاف بين العلماء في جوانب متعددة من البحث هو السبب الثالث، وما إن بدأتُ الكتابة حتى وجدت أنَّ هذه الأسباب جميعاً وغيرها هي ما دفعني إلى الكتابة في الشرط أسلوباً وجملةً، وحاولت بدايةً أنْ أصل إلى تسمية البحث، فكان عندي رأيان أجدُهما صحيحَيْن، ولا فرق بينهما، وإن كان الأسلوب سيغلب لأنَّ فيه جملتين فعل الشرط وجوابه.أقول: في توزيع الجمل الجملة الشرطية، وإليك الدليل:جاء في مغني اللبيب لابن هشام الجمل: اسمية وفعلية وظرفية، وعرَّف الظرفية بأنها المصدرة بظرف أو جار ومجرور، وأضاف، وزاد الزمخشري وغيره الجملة الشرطية، والصواب أنها من قبيل الفعلية، ثم يقول ومرادنا بصدر الجملة المسند أو المسند إليه فلا عبرة بما تقدَّم عليهما من الحروف؟ فكيف أعدّ الجملة ظرفية مادام لا اعتبار للظرف والحرف ففي قولنا: أعندك زيد، أليست اسمية؟ إذا لم نعتبر الهمزة على رأي ابن هشام نفسه؟ فتعليق شبه الجملة فيما يتمّم معناها هو الذي يحدد الجملة فعليةً أو اسمية، فأستطيع أن ألغي الجملة الظرفية ولا ألغي ـ بالمقابل ـ الجملة الشرطية، تقول:إنْ تـدرسْ تنجـحْفهذه جملة شرطية لأنها تبدأ بحرف شرط، وفيها فعلان ؛ الأول فعل الشرط، والثاني جوابه، فإذا قلت: أنْتَ إِنْ تدرسْ تنجحْ بجزم الفعل (تنجحْ) فماذا سيكون إعراب الجملة كاملة، أي أين خبر (أنت) الفعل الناسخ؟ أليس جملة الشرط كلَّها؟ بلى.وتقول: أكرمـُك إن زُرتَنـيفجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله، فماذا تعرب جملة (إن زرتني)؟! ويتصل بها قولك:سأعمل وإنْ لم أكنْ قادراًأليست جملة (وإن لم أكن قادراً) حالية؟ فممّ تتألف؟ إنها تتألف من أداة الشرط، وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه، وهذا ليس من الجمل التي نصنعها، بل هي في الشعر المحتج به، قال عدي بن زيد:وعـدِّ سواهُ القـولَ واعلمْ بأنَّـه متى لا يَبِنْ في اليوم يصرِمْك في الغد أليست جملة (متى لا يبنَ) مع جوابها في محل رفع خبر أنَّ؟ فممّ تتألف؟ هل اعتبرها ظرفية، أم اسمية أم فعلية؟ فإذا قال أحدنا نعتبرها ظرفية لأنها تبدأ بالظرف (متى)، ولكن متى اسم شرط يدل على الظرفية، وماذا تقول في قول حاتم الطائي:
فنفسَك أكرمْهـا فإنك إنْ تَهُـن
عليك فلن تُلفي لك الدهرَ مكرما
عليك فلن تُلفي لك الدهرَ مكرما
عليك فلن تُلفي لك الدهرَ مكرما