حکایات شعبیة للأطفال

خیر الدین عبید

نسخه متنی -صفحه : 14/ 4
نمايش فراداده

ورائي، حتّى إنني عندما وصلت إلى البيت وجدت خلفي دجاجاً كثيراً، فتحت له الباب (ادخل.. بيت.. بيت) دخل الدّجاج، نظرت إلى الخرج، وإذا ببيضة كبيرة، مددت يدي لأمسكها، وقعت وفقست جملاً، أنخت الجمل.. وضعت عليه حملاً ثقيلاً.. فانعقر سنامه، أخذته إلى البيطار، قال:

ضع له قشرة جوز

مكان العقر، وضعت له القشرة، وإذا بشجرة جوز كبيرة تنبت فوق سنامه، فجأة.. أزهرت الشجرة وأثمرت، قطفتها فجمعت قنطاراً، لكن بقيت حبة جوز في رأسها، أمسكت طينة وضربتها، وإذا بالطينة تتحوّل فور ملامستها حبّة الجوز إلى أرض (حمرا نفرا ما فيها حشيشة خضرا) قلت:

سأحرث الأرض. أحضرت مقلاعاً، وضعت فيه الثور ورميته، وضعت عُدّة الحراثة ورميتها، ثمّ وضعت نفسي ورميتها. حرثت الأرض وزرعتها بالسمسم، مرّ أحدهم.. قال:

أخطأت، المفترض أن تزرعها بالبطّيخ. قلت:

بسيطة:

سأزرعها بطيخاً، ناديت أولاد الجيران ورحنا نلمّ السمسم المبذور، وفور انتهائنا وجدته ناقصاً حبة، بحثنا عنها، هنا.. هناك، أخيراً.. وجدناها في فم نملة، أمسكنا الحبّة، شدّت شددنا، انعفست الحبّة فغرق أولاد الجيران كلّهم في بحر السّيرج، تركتهم وجئت إلى هنا. قطّب السّلطان جبينه، نظر إلى الرجل بقسوة، قال:

-يا لك من رجل أحمق، الظّاهر أنّك لا تفهم الكلام، أنا أقول لك أريد سماع كذبة كبيرة، وأنت تسرد عليّ حكايات لا تحوي حرفاً كاذباً، هيا.. استدر واغرب عن وجهي. استدار الرّجل مكسور الخاطر، ومَثَلَ أمامه رجل لمّاع العينين. -أيُّها السّلطان المبجّل.. عندي كذبة مُتَبّلة. نظر السلطان إليه، قال:

هاتِ أسمعني. -احم.. احم، منذ ثلاثين سنة استدان والدكم السلطان الأعظم جرة مليئة بالذهب الخالص من والدي. فتح السلطان فمه دهشاً، قال:

-ماذا تقول يا مجنون! والدي أنا يستدين من والدك جرّة مليئة بالذهب؟ -مولاي.. إن كنت كاذباً، فقد فزت وأصبح الصندوق من حقّي، وإن كنت صادقاً.. ردّ لي مال أبي. حكّ السلطان جبينه، قال لنفسه:

فِعلاً إنه لكذَّاب محترف، لكنه أبداً لن يكون أكذب من السلطان. ثم صاح:

-هيه.. أنت، لقد فزتَ بالمسابقة، واستحققت لقب أكبر كذَّاب في البلاد، هيا.. تقدم وخذ الجائزة. نظر الرّجل إلى الصندوق بعين حالمة، تراءت أمام عينيه صور اللؤلؤ والمرجان والفيروز والذهب والفضة و... ركض نحوه فرحاً، نزع القفل، فتح الغطاء. و... شهق مذعوراً. هرع الناس إليه مستفسرين، نظروا داخل الصّندوق، وقعت عيونهم على الحجارة والحصى، فشهقوا واجمين. أمَّا السلطان.. فكان الوحيد الذي يقهقه، وكأن أحداً يدغدغ خاصرتيه. ((وتوته توته.. خلصت الحتوتة)) حكاية البنت الصّغيرة في قديم الزمان.. عاشت بنت صغيرة، بيتها صغير، سريرها صغير، وصحنها أيضاً صغير. ذات صباح.. أمسكت مكنستها، وراحت تكنس باحة الدار. فجأة... وجدت فلساً، ركضت فرحة إلى الحانوت واشترت به دبساً، ثم رجعت إلى المطبخ ووضعته على الرف. بغتة... حطَّت ذبابة عليه ولحسته. نظرت البنت إلى الذبابة غاضبة، قالت:

والله سأشكوك إلى القاضي. بدّلت ثيابها، وانطلقت إلى القاضي، فلما دخلت مجلسه، وجدته يلعب مع قطّ جميل. قالت الصغيرة:

أيُّها القاضي، قال:

تكلمي، قالت:

جئت لأسمع حكمك العادل، قال:

أنا في الحق لا أجادل، قالت:

أنا أميرة، البنت الصغيرة، قال:

اسمك على كسمك، قالت:

كنست باحة الدار، قال:

نظَّفتِ، قالت:

فوجدتُ فلساً، قال:

رُزقتِ، قالت:

اشتريت به دبساً، قال:

تحلّيتِ، قالت:

فوضعته على الرف، قال:

علوتِ، قالت باكية:

ثم جاءت الذبابة ولحسته، قال:

شراً فعلت، قالت:

أريد حقّي، داعب القاضي أذنيَ القط، قال:

العوض على الله. خرجت البنت من عند القاضي غاضبة، فرأت بائع زبيب، أمسكت حفنة وركضت. صاح بائع الزّبيب:

هيه.. أين ثمنه؟ قالت:

العوض على الله. طار عقل البائع، هرول إلى القاضي وشكاها. أحضر القاضي المتهمة، سألها:

لماذا لم تعطِ البائع ثمن الزبيب؟ أجابت:

لقد أعطيته، قال:

وماذا أعطيته؟ قالت:

ما أخذته منك، قال:

وماذا أخذت مني؟! قالت ساخرة:

العوض على الله. خجل القاضي من نفسه، أزاح قطّه المدلّل من حضنه، أخرج نقوداً من جيبه وأعطاها للرجل