أدب العام و المقارن

دانییل هنری باجو؛ مترجم: غسان السید

نسخه متنی -صفحه : 289/ 28
نمايش فراداده

- المناطق والمراكز.

يجب أن يفهم من (المنطقة) فضاءات تستطيع أن تضم أراضيَ عديدة ويمكن أن تشكل جزءاً من دول مختلفة. حددت السياسة الحدود، ولكن الوقائع الجغرافية، والثقافية تعطي للمنطقة نوعاً من الوحدة.

مع ذلك، من المناسب أخذ مقياس معين، في الحسبان، ووعي الأبعاد والحدود التي تفرضها المنطقة. وفي خلاف ذلك، يمكن وصف الأمبراطورية النمساوية - الهنغارية القديمة على هذه الحال، وكذلك La Mittel Europa كلها، أو أيضاً حوض الدانوب الذي سار معه كلوديوماغريس، واقتفى أثر مجراه، مازجاً بين الحلم والمعرفة. (دانوب غاليمار، 1986 ).

يمكن لبلاد الهند أو Patagonie أن تشكل بالنسبة للفنان، والكاتب، والشاعر، والرحالة فضاءات غنية بإمكانيات الكتابة، ولكنها لايمكن أن تكون مناطق تبادلات أدبية، بالمعنى المقارني للتعبير. في المقابل، إن منطقة Rio de la plata التي تضم قسماً من محيط بوينيس أيريس، والواجهة البحرية للأرغواي، وقسماً من البارغواي، تشكل منطقة غنية للاتصالات، والتبادلات بين تقاليد وطنية متنوعة، خاصة بين هذا القسم من أمريكا وأروبا: اختلاط الشعوب، الوجود النشط في بوينيس أيريس لجاليات إيطالية، وسلافية، وألمانية، دون نسيان الجالية اليهودية. هذه الحقائق الثقافية تؤثر في الإبداع الأدبي، وفي الحياة العقلية، وهي تفسر نشاط الطباعة، وغنى بعض المجلات، ووجود تقاليد فنية غربية، وآداب أصيلة، هُجنت بطريقة مناسبة مثل هذا المسرح في اللغة الإيطالية - الإسبانية (Le cocolich). يمكن للمنطقة الأدبية أن تشمل تقريباً دولة صغيرة بكاملها تكون مركزاً نشيطاً للتبادلات مثل هولندا في القرنين السابع عشر والثامن عشر مع وجود لاجئين يهود، وبروتستانت، وصحفيين، وباحثين، وبوجود نشاط مطبعي موروث فعال جداً.

يمكن أن نستشهد هنا أيضاً بسويسرا، أو ببعض المناطق المدنية مثل جنيف، وبال أوزيوريخ. يمكن أن تقتصر المنطقة على إقليم حدودي أو (ثغر) مثل الألزاس ،أو (تخوم) مثل (Trieste) ملتقى ثلاثة تقاليد أدبية، إيطالية، وألمانية، وسلوفينية.

لن ننسى (الروح) العالمية لبعض المناطق بالمعنى الفرنسي للكلمة :

الفلاندر، البورغوغون في عصر الأنوار مع الأكاديمية النشيطة جداً في ديجون، وأيضاً منطقة اللورين في عصر الدوقات حيث تأكدت لحقبة دعوات الجنوب. يساعد مفهوم المنطقة على تطوير نوع من المقارنية (المنطقية) المطروحة سابقاً، أو على فتح برامج بحث ودراسات نوعية في بعض البلدان. يجب على المقارنية الإسبانية، وحتى الإيبيريكية، أن تأخذ في الحسبان وجود (مناطق) كاتالان، وغاليسينية ، واللهجة المتقلبة بين الكاستيلية، والبرتغالية التي قدم عنها فيديلينو فيغيريدو الرائد المقارني البرتغالي لمحة في كتابه (Pirene) عام 1953. على المقارني المبتدئ أن يعيد تشكيل أجواء عقلية، وجغرافية للتبادلات، ومتابعة حركة الأفكار والاشكال وإعادة زرعها، وجرد القرائن، والأراضي، وفهم كيف أن أفكاراً تسطيع أن تتحول إلى صور، وموضوعات أدبية. يرتبط الأمر هنا غالباً بالبحث أكثر مما يتعلق بالتدريس .

من الواضح أن المراكز هي مدن، ومؤسسات أدبية، وثقافية.

هناك عواصم سيطرتها الأممية واضحة ويمكن أن تحتفظ بمفاجآت (كانت لشبونة دائماً أكثر انفتاحاً على المؤثرات الأوربية من مدريد)، وهناك مدن أخرى، أدت لحقبة طويلة، دور المأوى، والملتقى، ومركز استقبال للافكار والناس (برشلونة، ليون، مطابعها من عصر النهضة إلى الأنوار، مركز نشر الإيطالية في فرنسا، مرسيليا (بوابة الشرق )، وكذلك أيضاً فينيسيا التي تتبنى الدعوة نفسها، وبعض المدن التي تتجاور فيها الثقافات وتتحاور : مثل طنجة الأثيرة عند بول موران، وجوزيف كيسيل، وجوان غويتيسولو، أو بول بويل، وكذلك توليد Toléde المدينة القروسطية التي تحاورت فيها الديانات الثلاثمن جهة أخرى هناك الحلقات المتعددة مثل الندوات، والجماعات، والمدارس، والمقاهي، والصالونات، والمحافل، والمكتبات، والأكاديميات ...إلخ