التأثير الكبير الذي أحدثه ميشال بريال إذ كان بمثابة الموجه إلى قضية هامة تعنى بالمعنى هي السيمانتيك.
ولقد حدد أوجدن وريتشاردز في كتابهما "معنى المعنى" مقومات العلامة اللغوية من خلال المثلث الآتي:
حيث "تصورا فيه مثلث المعنى تحت اسم المثلث الأساسي" كما حاولا في كتابهما هذا "أن يضعا نظرية للعلامات والرموز، كما قدما في هذا الكتاب ستة عشر تعريفاً للمعنى، ذكرا أنها تمثل فقط أشهر هذه التعريفات" حيث إستثنيا منها كل التعريفات الفرعية.
ونجد أن هذا الكتاب لم يقدم دراسة خالصة للمعنى اللغوي، وإنما قدم نظرية في المعرفة -الإبستيمولوجيا -. وقد كان لهذا الكتاب تأثير بالغ واهتمام كبير لدى الدارسين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد اعتمد أولمان ULLMANN في كتابه دور الكلمة في اللغة، على مثلث أوجدن وريتشاردز عند تعريفه للمعنى وبيانه لطبيعة الدلالة. واستبدل مصطلح اللفظ بالدال ومصطلح المدلول بالفكرة. فاللفظ عنده هو الكلمة بصيغتها الخارجية؛ أما المدلول فهو الفكرة التي يستدعيها اللفظ. والمعنى عند أولمان يمكن أن يستدعيه اللفظ كما يمكن أن يستدعيه المدلول. ويرى بأن العلامة اللسانية مختصرة في مصطلحين هما الدال أو اللفظ الذي يعيد صناعة الاسم، والمدلول الذي يستدعي المعنى.
إن أركان العلامة اللسانية عند أولمان هي الدال والمدلول ومثلها من قبل عند دي سوسير حيث نجده قد استبعد الشيء أو المرجع وهو الركن الثالث في المثلث وذلك لأن دارس اللغة حسب رأيه، إنما تهمه الكلمات لا الأشياء. .
كما فتح هذا الكتاب (معنى المعنى) الآفاق لدراسة المعنى في مختلف المجالات وذلك ما نجده عند بردجمان Brugmann، حيث كتب في منطق الفيزياء الحديثة بَيَّنَ من خلال هذه الكتابات التغيرات الدلالية التي تطرأ على بعض الكلمات في الاستعمال المتخصص . فكلمة مثل "الجذر" لها معنى عند عالم الرياضيات ومعنى آخر عند المزارع ومعنى ثالث عند اللغوي، وبالتالي فإن دلالة الكلمة تختلف باختلاف التخصص.
ومن غير اللغويين كذلك الذين تناولوا قضية الدلالة ألفراد كورتيسبسكي في مؤلفه "العلم وسلامة العقل". وقد كان لهذا الكتاب نفوذ كبيرة وذلك لصياغته اللفظية البارعة حيث اعتبر مؤلفه الدراسة الدلالية حلاً لجميع العقد والدواء العالمي للأمراض الإنسانية.
كما يرى كورتسبسكي أن الكلمة رمز وليست "الشيء" أي ليست الموضوع أو المسمى أو المدلول عليه ومن الواجب التمييز بين مستويات التجربة في المصطلحات المستعملة.
كما يربط كذلك القضية الدلالية بالقضية الاجتماعية وذلك "بأن أغلب مشكلاتنا الاجتماعية متركزة حول مصطلحات غامضة كثيرة الصور، وهذه المصطلحات تتداخل مع انفعالاتنا تداخلاً ينتج عنه أن ردود أفعالنا الدلالية تصبح مختلطة أيما اختلاط" ، وحتى الانحرافات الشخصية والقومية، فهي عنده ترجع إلى ردود أفعال عصبية -دلالية -تستلزم إعادة التربية.
وقد استطاع كورتسبسكي بأفكاره الدلالية الاجتماعية أن يكون مدرسة كان من أشهرها "هاياكاوا" و"تشيز" الذي كان بارعاً فيما يسمى بالتمرينات الدلالية* وكان "يرى أننا حالما نصل إلى تعريفات واضحة للموضوعات والكلمات، وحالما ننحي الكلمات التي لا معنى لها فإننا نصل إلى حل مشكلاتنا الاجتماعية."
يستنتج مما سبق أن الدراسة الدلالية عند مدرسة كورتسبسكي -والتي هي في الأصل دراسة لغوية -تعمل على حل المشاكل الاجتماعية غير اللغوية كالفقر والجهل والحرب الخ، كما تعد الدواء العالمي لجميع الأمراض الإنسانية.