إن ما يستنتج من فحوى ما سبق هو حسن الاختيار، وذلك لاعتقادهم أن الاسم يؤثر في السامع، وأنه أقوى تأثيراً من الفعل لأن الفعل من نتائج الاسم، ونسبة الفعل تقوى بقوة المسمى وتضعف بضعفه. ففي دلالة "قال" معنى القول المطلق ولكنها تتفاوت بتفاوت سماعنا لاسم القائل. ففي قال الأستاذ وقال المدير وقال الوزير وقال البواب تفاوت دلالي في مدى التعامل مع الصيغة والاستجابة لمقول القول. ومن هنا كانت دلالة الاسم أقوى الدلالات.
وقد جاء في التقسيم، المركب الاسمي ليس "بمسموع"، إن هذا في زمانهم أما اليوم فقد كثر وهو نوع من التركيب المزجي الذي يمكن أن نجعله نوعين في زماننا:
أ- تركيب متداخل في مثل بنعمر وبلعباس وهو ما لا يمكن فصل عناصره عن بعضها البعض.
ب- تركيب تتابعي وهو ما انضم فيه عنصر إلى غيره وقد كانا منفصلين في مثل محمد الحاج وهواري بومدين.
وللإشارة فإن الاسم الأخير "هواري بومدين" هو اسم الرئيس الجزائري الراحل وهو يجمع بين النقل والتركيب معاً. وذلك أن الاسم الحقيقي له هو "محمد" وفي ثورة التحرير تولى قيادة الجهة الغربية للوطن، فتسمى بهذا الاسم.
وكان من عادة الثوار، وفي بداية الثورة بخاصة، تقمص أسماء ليست لهم، وأحياناً تكون غير حقيقية، وذلك اتقاء لشر فرنسا من الانتقام من عائلاتهم في حالة ما إذا ألقي القبض على ثائر وقيل له مع من كنت وذكر اسم من كان معهم تحت التعذيب.
لقد اختار "محمد بوخروبة" اسم "هواري بومدين" وهما اسمان لوليين صالحين من أولياء الله المدفونين في غرب البلاد وهما: "سيدي الهواري" بوهران و "سيدي بومدين" بتلمسان. واسمه "هواري بومدين" كناية عن توليته قيادة ولايتي وهران وتلمسان. والخلفية الدلالية هنا في قيمة الاختيار التي تتعلق بولي الله، وما له في نفس السامع من أثر وتأثير. كان هذا حال المنقول من الأسماء وأبعاده الدلالية ويمكن توضيحه بالشكل الآتي:
التركيب المزجي
التركيب المتداخل
التركيب التتابعي
-بلعباس
-محمد الحاج
-بنعمر
-هواري بومدين
وبعد كل الذي سبق يبقى نوع من الأسماء عند العرب له بعده الدلالي وهو نوع من المنقول إلا أنه يخالفه. ويمكن وصفه بالمركب المعنوي حيث يقول فيه ابن مالك:
إن هذا تقسيم جديد للاسم من حيث هو علم شخص وعلم جنس لأن "علم الجنس كعلم الشخص في حكمه اللفظي" والظاهر من هذا، أن العرب سعوا إلى استغلال المنطوق واستثماره إلى أقصى حدٍّ ممكن، وهذا كله راجع إلى قوة الدلالة الاسمية وأثرها على السامع. كما أن مجمل أسماء الأجناس التي جاء بها صاحب النص هي من محيط الإنسان، مما يرهب أو يرغب فيها، كالعقرب والإيحاء بلدغته، والثعلب والإيحاء بمكره وخداعه، حتى أنهم أجازوا النعت به وهو من غير المشتق لكثرة ذكره والتمثيل به.
أما غير المنقول من الأسماء فهو الاسم المرتجل وهو ما أنشئ على غير قياس سابق له ويقابله المبتدع والمخترع في معناه. والعلم المرتجل ما وضع من أول أمره على من ولم يستعمل قبل ذلك في غير العامية، ومثاله هبل علم صنم وسعاد علم لامرأة وعمر لرجل؛ ولا يمنع كونه مرتجلاً أن يسمى به