الدينية والتقدم في الغرب، والقيم العربية الإسلامية، وتقييم القيم، ثم نختم بالخلاصة والنتائج.
يرى المفكر الدكتور زكي نجيب محمود أن القيم "تقوم في الإنسان بالدور الذي يقوم به الربان في السفينة.. يجريها ويرسيها عن قصد مرسوم، وإلى هدف معلوم"(6).
ويرى العالم الاجتماعي الدكتور محمد إبراهيم كاظم، أن القيمة هي "مقياس أو معيار أو مستوى يُستهدف في سلوك شخصي ويسلم الشخص بأنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه(7)"، وأن الإطار القيمي هو "إطار على هيئة هرم أو سلم تندرج مكوناته تبعاً لأهميتها"(8).
ويقول الدكتور فاخر عاقل، في "معجم علم النفس"، إن القيم هي "الأمور التي يعتبرها الفرد جيدة أو ذات أهمية. وهي مظاهر الحياة التي ينسب إليها الإنسان وزناً معنوياً، وهي بهذا المعنى دلالة على الشخصية"(9).
ويقول الدكتور أحمد زكي بدوي، في "معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية"، إن القيمة هي "كل ما يعتبر جديراً باهتمام الفرد وعنايته ونشدانه، لاعتبارات اجتماعية أو اقتصادية أو سيكولوجية... الخ. والقيم أحكام مكتسبة من الظروف الاجتماعية، يتشربها الفرد، ويحكم بها، وتحدد مجالات تفكيره، وتحدد سلوكه، وتؤثر في تعلمه، وتختلف القيم باختلاف المجتمعات، بل والجماعات الصغيرة"(10).
كذلك، فقد تم تعريف القيم على لسان كثير من العلماء الآخرين، وخاصة منهم علماء التربية.. حيث عرفها بعضهم بأنها "قوانين من أجل الحياة"، في حين عرفها فريق ثان بأنها "مفاهيم للأشياء المرغوبة وغير المرغوبة"، ورأى فريق ثالث أن "القيم هي معايير ومبادئ تستخدم للحكم على الأشياء"، بينما رأى فريق رابع أن القيم عبارة عن "أفكار تدور حول ما عملناه في الماضي، وما نعمله الآن، وما نحاول عمله في المستقبل(11)".
وهكذا، يمكن القول: إن القيم هي المعايير (أو الضوابط) التي تجسد ضمير (أو وجدان) المجتمع (أو الأمة)، وتوجه سلوك أفراده وجماعاته ونظمه، وتعبر عن خصوصيته وهويته.
إذا كانت بصمات الأصابع تجسد (أو تميز) هوية الفرد، فإن القيم هي الشيء الأكثر تجسيداً لثقافة المجتمع أو الأمة، وهي -بالتالي- الأفضل تعبيراً عن خصوصية الأمة وهويتها. ويقول الدكتور عبد الله عبد الدائم في معرض الحديث عن الثقافة العربية الإسلامية: "كل أمة لها ثقافتها المميزة. وليس هناك ثقافة واحدة، ولا نقبل بوجود ثقافة واحدة ونمط واحد من الثقافة. والفرق بين الثقافات هو فرق في الطبيعة لا في الدرجة. إذن، هنالك ثقافة عربية إسلامية. هذا شيء نقوله، وأحياناً نجتره.
ولكن، ما هي خصائص هذه الثقافة العربية الإسلامية؟ هذا ما لم نفعله حتى اليوم.
كل يقول: لها خصائصها المتميزة، لها سماتها، لكني أريد بعض الأقوال الملموسة المحسوسة التي تدلني على السمات الخاصة التي نراها جديرة بالاهتمام في الثقافة العربية الإسلامية. أنا خطوت خطوات في هذا السبيل، لكن دعوت الآخرين إلى أن يخطوا مثل هذه الخطوات، وذلك في كتابي "في سبيل ثقافة عربية ذاتية" الذي نشرته دار الآداب في بيروت. خطوت خطوات متواضعة، فبينت (مثلاً) أن من القيم الأساسية التي أكدتها الثقافة العربية الإسلامية، قيم مثل: تقديس العلم، تقديس العمل، المسؤولية الفردية، مسؤولية الإنسان عن ذاته وعن الآخرين، التكافل الاجتماعي والتضامن الاجتماعي، إلى آخره"(12).
للقيم عدة تصنيفات.. إذ يصنف بعضهم القيم تحت نوعين: أولهما "القيم الغائية" وهي مثل: السعادة، المتعة، تقدير الذات، الحرية والمساواة. وثانيهما "القيم الوسيلية"، وهي مثل: التسامح، الأمانة، الطاعة، الطموح وضبط النفس(13).
وهناك التصنيف الصاعد، وهو يميز ثلاثة أنظمة من القيم: أعلاها نظام القيم الروحية، وأوسطها نظام القيم الفكرية، وأدناها نظام القيم الحيوية. وهناك،