إن مثل هذه الممارسات تمكن سلطات إنقاذ القوانين، من رجال شرطة إلى وكلاء النائب العام إلى القضاة، أن يطلبوا مدفوعات للتغاضي عن الانتهاكات، أو لإنقاص الجزاءات المترتبة، مما يجعل آلية الفساد منتشرة في مثل هكذا ممارسات. .
يتضح مما تقدم أن الثغرات القانونية تكون واضحة في البلد الواحد ولا سيما البلد الفيدرالي حيث يلحظ التباين بين القانون الاتحادي وقانون الولاية مما يهيئ قاعدة تساعد على نمو الفساد.
وبعدما أوضحنا كيف يمهد تباين القوانين للفساد سنوضح فيما يأتي كيف يؤثر غموض القوانين وعدم وضوحها وكذلك غموض التفسيرات على نمو الفساد. حيث نلاحظ ضمن تشريعات الدول قوانين تمنع الموظفين العمومين من ابتزاز الأفراد للحصول على مبالغ غير قانونية (نتيجة أعمال فساد) أو تشريعات تكافح كل شكل من أشكال الفساد، إلا أن نصوص هذه القوانين تحتفظ بها الحكومات في سجلاتها فحسب.
أما على صعيد الواقع التطبيقي، الذي تكون فيه نسب الفساد عالية في مؤسسات إحدى تلك الدول تصبح هذه القوانين أسيرة تلك السجلات، وتصبح حقوق الاعتراض على ممارسات الفساد عالية في مؤسسات إحدى تلك الدول تصبح هذه القوانين أسيرة تلك السجلات، وتصبح حقوق الاعتراض على ممارسات الفساد وبالاً قد يجرم من ورائه المعترضون بسبب كون نصوص القوانين غير ذات أهمية تجاه استغلال السلطة وضعف التفسيرات القانونية.
وقد أظهرت التجربة في (هونك كونك) أن التعليمات غير الدقيقة تعطي سلطة تقديرية أكبر للموظف وتوفر لـه مزيداً من فرص الفساد ولذلك يتضح أن السياسة والتشريع وحدهما لا يضمنان الالتزام بالإجراءات الرسمية للبيروقراطية وإنما لا بد من أن يتبع ذلك إصدار تعليمات تنظيم هذه الإجراءات تتسم بالوضوح لسد كل ثغرة يمكن أن يمر عبرها الفساد
وبناء على ذلك لكي تأخذ التشريعات بعدها الصحيح يشترط أن يكون البناء القانوني لوسائل مواجهة الفساد متميزاً بالعبارات الدقيقة التي تحدد الأفعال محل التجريم تحديداً دقيقاً والابتعاد عن الغموض في التشريع الذي يصعب معه تحديد المعنى
ولتكون التشريعات فعالة فعليها أن تكون حديثة وخاضعة للمراجعة الدورية وتفسر وتنفذ بشكل واضح وحازم وعادل ، يمنع معها أن يحوز الموظف سلطة اتخاذ القرار الذي قد يقوم ببيعه (إذا ما انعدمت نزاهته) إلى مستفيد متواطئ معه بغية شراء المستفيد للقرار الإداري والسياسي لمصلحة خاصة تتحقق معها آلية الفساد الذي يبلغ حداً لتجاهل القوانين وعدم إنقاذها مما يسبب هدراً للأموال وإفلاساً للخزينة وتدميراً للمجتمع وإحلال شريعة الغاب محل شريعة القانون والدستور .
وهو ما يتجلى في أنموذج القانون البولندي حيث أن مصطلح (موظف عام Public Official) الذي يظهر في القانون المذكور مصطلح يحيطه الغموض، وأن معنى المصطلح في مواد القانون الجنائي لسنة 1970 بحماية المسؤولين من الفساد يعرفه: -
(بأنه القائم بالوظيفة العامة Public Factionary) ويكون ذلك الموظف مصاناً من الهجوم على شخصه أو تعرضه لأية إساءات أخرى). ولكن في المواد التي تتعلق بالرشوة ظهر المعنى (بأنه أي شخص يقوم بوظيفة عامة Whoever performs A Public Functions ) المادة (239). كما تُعرف الفقرة (11) من المادة (120) من القانون القائم بالوظيفة العامة على أنه الشخص الذي يعمل في الإدارة الحكومية: -
- القاضي وقاضي القضاة والنائب العام.
- الشخص الذي يشغل وظيفة عالية أو ينهض بمسؤولية محددة ومرتبطة بوحدة تنظيمية بالدولة، أو منظمة تعاونية أو أية جماعة اجتماعية أخرى.
- الشخص المسؤول بشكل خاص عن حماية النظام العام، الأمن العام، الممتلكات الاجتماعية.
- الشخص الذي يعمل في الخدمة العسكرية.
- الأشخاص الذين يتمتعون بحماية قانونية بسبب أدائهم لوظيفة عامة بوجود قوانين خاصة.