وقعت بين بني شيبان وتميم. واسم قاتل
"طربف"، هو "حصيصة الشيباني"، "حصيصة بن
شراحيل".
و كان سادة تميم الذين قادوهم في هذا
اليوم ثلاثة رؤساء، هم: أبو الجدعاء
الطّهُوي على بني حنظلة، وابن فدكي
المنِقري على بن سعد، وطريف بن عمرو علي
بني عمرو بن تميم.
وكان يوم الزوربن من ايام بكر على تميم
كذلك. وكانت بكر تنتجع أرض تميم، ترعى بها
إذا أجدبوا، فإذا أرادوا الرجوع، أخذوا كل
ما وجدوه أمامهم واستاقوه معهم. فلما كثر
اعتداء بكر على تميم، تفاقم الشر بينهما
وعظم حتى صار لا يلقى بكريّ تميمياً إلأ
قتله، ولا يلقى تميمي بكريأَ إلا قتله.
ثم عزمت تميم على التخلص من أذى بكر
ومنعها من الرعي في أرضها، فحشدت واستعدت
لقتال بكر، واستعدت بكر لقتال تميم. فلما
اصطدم الجمعان تغلبت بكر على تميم، وقتلت
منهم مقتلة عظيمة.
ويذكر أهل الأخبار ان سبب تسمية يوم
الزورين بهذه التسمية، هو ان بني تميم
كانوا قد وضعوا بكرَ يْن مجللين مقيدين،
بن.الصفين، وقالوا: هذان زَوْرانا، أي
إلهانا، فلا نفرّ حتى يفرّا، وجعلوا
عندهما من يحفظهما. فلما أبصر البكريون
الزورين هجموا على حراسهما وأخذوا
البعيرين وذبحوهما، أو ذبحوا أحدهما
وتركوا الآخر يضرب في شولهم. فارتبكت تميم
وانهزمت شر هزيمة.
وكان المقدم على بكر "عمرو بن قيس بن مسعود
الشيباني"، المشهور ب "أبي مفروق"، قدمته
"بكر" عليهم، فحسده سائر ربيعة، وأرادوا
ازاحته عن الرئاسة، إذ كانوا يريدون أن
يجعلوا على كل حي رجلاً منهم، وأن يكون كل
حي على حياله، فأصر ابنه "مفروق" عليه
بمخالفتهم، وبقي رئيساً عليهم كلهم: فلما
كان القتال، برك بين الصفن، وقال أناَ
زوْرُكم، فقاتلوا عني، ولا تفرِّوا حتى
أفرّ. ولم يكن الحوفزان بن شريك يومئذ في
القتال، فقد كان في أناس من بني ذهل بن
شيبان غازياً في بني دارهم. وممن اشترك
فيه: حنظلة بن سيار العجلي، وحمدان بن عبد
عمرو العبسي، وأبو عمرو ابن ربيعة بن ذهل
بن شيبان. وقتل فيه من بني تميم أبو الرئيس
النهشلي، وهو ساداتهم.
وقد أكَثر الشعراء في ذكر هذا اليوم لا
سيما الأغلب العجلي، وذكره الأعشى أيضاً.
وكان سبب يوم عاقل ان "الصمةّ بن الحارث
الجشُمي"أغار على بني حنظلة بعاقل، فأسره
الجعدين الشماخ أحد بني عدي بن مالك بن
حنظلة، وهزم جيشه، وأبطأ الصمة في فدائه
فجزّ الجعد ناصيته وأغلظ في الكلام عليه،
فضرب الصمة عنقه. فمكث الصمة زمانا، ثم غزا
بني حنظلة، فأسره الحارث ابن بيبة
المجاشعي "الحارث بن نبيه المجاشعي" وهزم
جيشه ثم أجاره الحارث من إساره ذلك، وخرج
الحارث بالصمة إلى بني يربوع من بني حنظلة
ليشتري الصمة أسراء قومه. فلما رأى "أبو
مرحب"، وهو ثعلبة بن الحارث،الصمة، وكان
يعرف انه غدر بالجعد ظ خنس عنه، وأخذ سيفه
ثم جاء فضرب به بطن الصمة فأثقله.
وأما أشهر الأيام التي وقعت بن قيس وتميم،
فيوم الرحرحان، ويوم شعب جبلة، ويوم ذي
نجب، ويوم الصرائم، ويوم الرغام، ويوم جزع
ظلال، و،وم المروت.
أما يوم رحرحان، فقد أشرت اليه سابقاً وهو
يوم وقع في أعقاب قتل الحارث بن ظالم المري
خالد بن جعفر الكلابي، وكان سببه ان قوم
الحارث ابن ظالم انكروا عليه فعله، ولاموه
على عمله فتجنبهم وهرب منهم، ولحق بتميم
فأجاروه، فاستاءت بنو عامر من ذلك، وطلبت
من بني تميم تسليم الحارث اليهم. فلما
أبوا، جاءت بنو عامر تريد مباغتة تميم،
وكانت تميم قد علمت بمسيرها اليهم فأرسلوا
بما عندهم من أثقال وأهل إلى بلاد بني بغيص.
ولما كانوا في موضع
رحران، التقوا ببني عامر ورئيسهم الاحوص،
فدارت الدائرة على بني تميم، واسر منهم
معبد بن زرارة: اسره عامر والطفيل ابنا
مالك بنِ جعفر بن كلاب. وشاركهما في أسره
رجل من غنىّ يقال، له:أبو عميرة عصمه بن
وهب،وكان اخا طفيل من الرضاعة وفي اسرهم
مات معبد. شدوا عليه القيد وبعثوا به إلى
الطائف خوفاً من بي تميم ان يستنقذوه.
وأخذ لقيط بن زرارة يستعد ويجمع العدة،
لينتقم من بني عامر، وليأخذ منهم بثأر
أخيه معبد الذي أسر في يوم رحرحان، ثم هلك
لمنع بني عامر الماء عنه. فذهب الى النعمان