جواب نفع وفاق اختياره, وأسأل الله العصمة من الخطإ والزلل, والتوفيق لإدراك صواب القول و العمل, بمنه ورحمته ] أما الكلام في الصفات فإن ما رُوِي منها في السنن الصحاح مذهب السلف رضوان الله عليهم إثباتها, وإجراؤها على ظواهرها , ونفي الكيفية والتشبيه عنها . وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه , وحققها من المثبتين قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف . و[ القصد] إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين , ودين الله بين الغالي فيه, والمقصر عنه
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات, ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله . فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود, لا إثبات كيفية , فكذلك إثبات صفاته, إنما هو إثبات وجود, لا إثبات تحديد وتكييف . فإذا قلنا : لله تعالى يد, وسمع , وبصر , فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه, ولا نقول : إن معنى اليد القدرة, ولا إن معنى السمع والبصر العلم , ولا نقول : إنها جوارح وأدوات الفعل , ولا نشبهها بالأيدي, والأسماع, والأبصار التي هي جوارح, وأدوات للفعل. ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها, ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تبارك وتعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } (الشورى: 11 ), وقوله عز وجل: { ولم يكن له كفوا أحد } (الإخلاص: 4 ). [ ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث, ولبَسَّوُا على من ضَعُفَ علمه بأنهم يَرْوُونَ ما لا يليق بالتوحيد, ولا يصح في الدين, ورموهم بكفر أهل التشبيه, وغفلة أهل التعطيل, أجيبوا بأن في كتاب الله تعالى آيات محكمات, يفهم منها المراد بظاهرها, وآيات متشابهات لا يوقف على معناها إلا بردها إلى المحكم, ويجب تصديق الكل, والإيمان بالجميع فكذلك أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم جارية هذا المجرى , ومنزلة على هذا التنزيل, يرد المتشابه منها إلى المحكم, ويقبل الجميع . وتنقسم الأحاديث المروية في الصفات ثلاثة أقسام :
أ - منها أخبار ثابتة, أجمع أئمة النقل على صحتها, لاستفاضتها وعدالة ناقليها فيجب قبولها والإيمان بها, مع حفظ القلب أن يسبق إليه اعتقاد ما يقتضي تشبيها لله بخلقه, ووصفه بما لا يليق به من الجوارح والأدوات, والتغير والحركات .
ب - القسم الثاني : أخبار ساقطة بأسانيد واهية, وألفاظ شنيعة , أجمع أهل العلم بالنقل على بطولها, فهذه لا يجوز الاشتغال بها, ولا التعريج عليها .
ج - والقسم الثالث : أخبار اختلف أهل العلم في أحوال نقلتها, فقبلهم البعض دون الكل , فهذه يجب الاجتهاد والنظر فيها لتلحق بأهل القبول, أو تجعل في حيز الفساد والبطول ] . [ وأما تعيين الأحاديث فإني لم أشتغل بها , ولا تقدم مني جمع لها , ولعل ذلك يكون في بعد إن شاء الله ] [ السماعات على المخطوطة
السماع الأول : سمع ما في هذه الورقة والتي قبلها على الشيخ الصالح أبي الحسن علي بن أبي عبيد الله بن المقير البغدادي, أثابه الله الجنة, بإجازته من الحافظ ابن ناصر, ومن أبي طالب الصيرفي المذكورين في أولها, و إجازته ايضا لذلك , من أبي المعالي الفضل بن سهل الإسفراييني عن أبيه إجازة, بقراءة أبي محمد بن عبد الله بن قدامة المقدسي عفا الله عنه الفقهاء :
أبو القاسم عبد الرحمن بن برد بن محمد الثعلبي, وأبو المرجا سالم بن ثمال بن عنان الفرضي, وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن علي بن أحمد, وساعد بن سعد الدين ثلاج, والقاضي أبو عمر, وعثمان بن جبريل بن مروان, و أحمد بن محمد بن الزين, في سابع شعبان سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بجامع دمشق (633هـ), كتبه أبو حسان بن محمد بن حمدان بن فراج النميري, وصح
السماع الثاني : كذلك ما سمع في هذه الورقة والتي قبلها على الشيخة الصالحة العابدة المجتهدة المحسنة بركة النسوة الصالحات أم عبد الله زينب بنت ابي العباس أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي الصالحية جزاها الله خيرا, بإجازتها من ضوء الصباح عجيبة بنت أبي بكر محمد بن ابي غالب بن أحمد الباقدري البغدادية, بإجازتها من أبي الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي, بإجازته من أبي بكر الخطيب رحمه الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد