فتح الباری شرح صحیح البخاری

شهاب الدین ابن حجر العسقلانی

جلد 11 -صفحه : 351/ 241
نمايش فراداده

المذكورين فقال يلقى الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ذات ظهر حتى ان الرجل ليعطى الحديقة المعجبة بالشارف ذات القتب أي يشتري الناقة المسن لاجل كونها تحمله على القتب بالبستان الكريم لهوان العقار الذي عزم على الرحيل عنه وعزة الظهر الذي يوصله إلى مقصوده وهذا لائق بأحوال الدنيا ومؤكد لما ذهب إليه الخطابي ويتنزل على وفق حديث الباب يعني من المصابيح وهو أن قوله فوج طاعمين كاسين راكبين موافق لقوله راغبين راهبين وقوله وفوج يمشون موافق للصنف الذين يتعاقبون على البعير فإن صفة المشي لازمة لهم وأما الصنف الذين تحشرهم النار فهم الذين تسحبهم الملائكة والجواب عن الاعتراض الثالث أنه تبين من شواهد الحديث أنه ليس المراد بالنار نار الآخرة وانما هي نار تخرج في الدنيا أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجها وذكر كيفية ما تفعل في الاحاديث المذكورة والجواب عن الاعتراض الرابع ان حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد مع ضعفه لا يخالف حديث الباب لانه موافق لحديث أبي ذر في لفظه وقد تبين من حديث أبي ذر ما دل على أنه في الدنيا لا بعد البعث في الحشر إلى الموقف إذ لا حديقة هناك ولا آفة تلقى على الظهر حتى يعز ويقل ووقع في حديث علي بن زيد المذكور عند أحمد أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك وقد سبق أن أرض الموقف ارض مستوية لا عوج فيها ولا أكمة ولا حدب ولا شوك وأشار الطيبي إلى أن الاولى أن يحمل الحديث الذي من رواية علي بن زيد على من يحشر من الموقف إلى مكان الاستقرار من الجنة أو النار ويكون المراد بالركبان السابقين المتقين وهم المراد بقوله تعالى يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا أي ركبانا كما تقدم في تفسير سورة مريم واخرج الطبري عن علي في تفسير هذه الآية فقال اما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا ولكن يؤتون بنوق لم تر الخلائق مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة والمراد سوق ركائبهم اسراعا بهم إلى دار الكرامة كما يفعل في العادة بمن يشرف ويكرم من الوافدين على الملوك قال ويستبعد أن يقال يجئ وفد الله عشر على بعير جميعا أو متعاقبين وعلى هذا فقد روى أبو هريرة حال المحشورين عند انقراض الدنيا إلى جهة ارض المحشر وهم ثلاثة أصناف وحال المحشورين في الاخرى إلى محل الاستقرار انتهى كلام الطيبي عن جواب المعترض ملخصا موضحا بزيادات فيه لكن تقدم مما قررته أن حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد ليس في المحشورين من الموقف إلى محل الاستقرار ثم ختم كلامه بأن قال هذا ما سنح لي على سبيل الاجتهاد ثم رأيت في صحيح البخاري في باب المحشر يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق فعلمت من ذلك ان الذي ذهب إليه الامام التوربشتي هو الحق الذي لا محيد عنه قلت ولم اقف في شئ من طرق الحديث الذي أخرجه البخاري على لفظ يوم القيامة لافي صحيحه ولا في غيره وكذا هو عند مسلم والاسماعيلي وغيرهما ليس فيه يوم القيامة نعم ثبت لفظ يوم القيامة في حديث أبي ذر المنبه عليه قبل وهو مؤول بأن المراد بذلك ان يوم القيامة يعقب ذلك فيكون من مجاز المجاورة ويتعين ذلك لما وقع فيه أن الظهر يقل لما يلقى عليه من الآفة وأن الرجل يشتري الشارف الواحد بالحديقة المعجبة فإن ذلك ظاهر جدا في أنه من أحوال الدنيا لا بعد المبعث وقد أبدى البيهقي في حديث الباب احتمالين فقال قوله راغبين يحتمل أن يكون إشارة إلى الابرار وقوله [IMAGE: 0x01 graphic] [ 330 ] راهبين إشارة إلى المخلطين الذين هم بين الخوف والرجاء والذين تحشرهم النار هم الكفار وتعقب بأنه حذف ذكر قوله واثنان على بعير الخ وأجي بأن الرغبة والرهبة صفتان للصنفين الابرار والمخلطين وكلاهما يحشر اثنان على بعير الخ قال ويحتمل ان يكون ذلك في وقت حشرهم إلى الجنة بعد الفراغ ثم قال بعد إيراد حديث أبي ذر يحتمل أن يكون المراد بالفوج الاول الابرار وبالفوج الثاني الذين خلطوا فيكونون مشاة والابرار ركبانا وقد يكون بعض الكفار اعيا من بعض فأولئك يسحبون على وجوههم ومن دونهم يمشون ويسعون مع من شاء الله من الفساق وقت حشرهم إلى الموقف وأما الظهر فلعل المراد به ما يحييه الله بعد الموت من الدواب فيركبها الابرار ومن شاء الله ويلقى الله الآفة على بقيتها حتى يبقى جماعة من المخلطين بلا ظهر قلت ولا يخفى ضعف هذا التأويل مع قوله في بقية الحديث حتى أن الرجل ليعطى الحديقة المعجبة بالشارف ومن أين يكون للذين يبعثون بعد الموت عراة حفاة حدائق حتى يدفعوها في الشوارف فالراجح ما تقدم وكذا يبعد غاية البعد أن يحتاج من يساق من الموقف إلى الجنة إلى التعاقب على الابعرة فرجح أن ذلك انما يكون قبل المبعث والله اعلم الحديث الثاني