وهجموا على أبي غالب، فقتلوه، فسار الأتراك الذين كانوا معه إلى طراد بن دبيس، ولما بلغ سلطان الدولة قتله اطمأن، وقويت نفسه، وأنفذ ابنه إلى الأهواز، فملكها. الصلح بين سلطان الدولة وأخيه مشرف الدولة وفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة حصل الإنفاق والصلح بينهما، على أن يكون العراق جميعه لمشرف الدولة، وفارس وكرمان لسلطان الدولة، وحلف كل منهما لصاحبه. الخلف بين مشرف الدولة والأتراك وعزل الوزير ابن المغربي وفي سنة خمس عشرة وأربعمائة تأكدت الوحشة بين الأثير عنبر الخادم، ومعه الوزير ابن المغربي وبين الأتراك، فاستأذن الأثير والوزير مشرف الدولة في الانتزاح إلى بلد يأمنان فيه على أنفسهما، فقال: وأنا والَّله أسير معكما؛ فساروا جميعاً، ومعهم جماعة من مقدّمي الديلم إلى السندية، وبها قرواش، ثم سروا إلى أوانا، فعظم ذلك على الأتراك، فراسلوه، واعتذروا، فكتب إليهم الوزير يقول: إنني تأملت ما لكم من الجامكيات. فإذا هي ستمائة ألف دينار، وعلمت دمخل بغداد، فلإذا هو أربعمائة ألف دينار، فإن أسقطتم مائة ألف تحملت الباقي، فقالوا: نحن نسقطها، فاستشعر منهم الوزير، فهرب إلى قرواش، فكانت وزراته عشرة أشهر وخمسة أيام، فلما أبعد خرج الأتراك، وسألوا مشرف الدولة، والأثير في الانحدار معهم، فأجابهم إلى ذلك. وفاة سلطان الدولة كانت وفاته بشيراز في شوال سنة خمسة عشرة وأربعمائة، وكان عمره اثنين وثلاثة سنة وخمسة أشهر، وخمسة أيام، ومملكة بالحضرة، وإمارته ببلاد فارس، وخوزستان، وكرمان ثنتي عشرة سنة، وأربعة أشهر وثلاثة أيام. وزراؤه: فخر الملك أبو غالب بن خلف إلى أن قتله بالأهواز، واستوزر أبا محمد الحسن بن الفضل بن سهلان، واستوزر ذا السعادتين أبا غالب الحسن بن منصور، ثم استوزر أبا الفتح عبد الحيم بن إبراهيم بن الخصيب وقبض عليه واستوزر أبا محمد الحسن بن محمد بن بابشاد من أهل رامهرمز. ولما مات، ولى بعده ابنه أبو كاليجار المزريان، على ما نذكره، بعد عمه. وفاة مشرف الدولة كانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة وأربعمائة، وعمره ثلاث وعشرون سنة وثلاثة أشهر، وملكه خمس سنين، وخمسة وعشرون يوما"ً، وكان ملكاً عادلاً، كثير الخير، قليل الشر، حسن السيرة. وزراؤه، ذو السعادتين أبو غالب الحسن بن منصور، ثم عزله، واستوزر مؤيد الملك زعيم الكفاءة مجد المعالي أبا علي الحسن في سنة خمس عشرة وأربعمائة، ثم استوزر أبا قاسم بن المغربي. سلطنة جلال الدولة هو أبو طاهر فيروز خسرو بن بهاء الدولة خسرو فيروز بن عضد الدولة ابن ركن الدولة بن بويه. ملك بعد وفاة أخيه مشرف الدولة، في شهر ربيع الأول سنة ستة عشر وأربعمائة وكان عند وفاته بالبصرة، وكان أبوه قد رتبه بها في حياته، فلما مات مشرف الدولة خطب له ببغداد، وطلب فلم يصعد إليها، وإنما بلغ واسط، وأٌقام بها، ثم عاد إلى البصرة، فقطعت خطبته، وخطب لإبن أخيه أبي كاليجار ابن سلطان الدولة في شوال، وهو حينئذ صاحب خوزستان، فما اتَّصل ذلك بجلال الدولة أصعد إلى بغداد، فانحدر عسكر ليرده عنها، وقاتلوه ونهبوا بعض خزائنه، فعاد إلى البصرة، وأرسلوا إلى الملك أبي كالنجار ليحضره إلى بغداد، فوعدهم بذلك، ولم يمكنه. لأن الحرب كانت بينه وبين عمه أبي الفوارس صاحب كرمان، وانقطعت خطبة جلال الدولة إلى سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ثم عاد إلى السلطنة، وكان سبب ذلك أن الأتراك كانوا قد طمعوا في الناس ببغداد، وصادروهم، وأخذوا أموالهم، وعظم الخطب، وزاد الشر، وأحرقت المنازل، والدروب، والأسواق، وطمع العيّارون، والعامة، فكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره كما يفعل السلطان بمن يصادره، ووقعت الحرب بين العامّة والجد، فطفر الجند بهم، ونهبوا الكرخ وغيره، وذلك في سنة سبع عشرة، فلما رأى القوادّ وعقلاء الجند أن الملك أبا كاليجار لا يصل إليهم، وأن البلاد قد خربت، وطمع فيهم المجاورون لهم من الأعراب والأكراد، وقصدوا دار الخلافة، وراسلوا الخليفة