نهایة الأرب فی فنون الأدب

شهاب الدین النویری

جلد 38 -صفحه : 98/ 3
نمايش فراداده

من ذي القعدة. وفيها قتل الأمير شيحه، صاحب المدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - وولي بعده ولده عيسى بن شيحه. وفيها في خامس عشر شعبان، توفي الطواشي مسرور بالقاهرة، ودفن بتربته بالقرافة. وفيها توفي الشيخ صالح أبو الحسن علي، بن أبي القاسم بن عربي بن عبد الله، الدمياطي، المعروف بابن قفل - في يوم الأحد الرابع والعشرين من ذي الحجة، برباطه بالقرافة، وبه دفن. وفيها توفي شهاب الدين ابن قاضي دارا. وكان من النظار في الدولة الكاملية، وبعدها. ولي نظر الأعمال القوصية. وكان السلطان الملك الكامل يكتب إليه بخطه، ويأمره وينهاه. ويقال إنه كان من ظلمة النظار، يضرب بظلمه المثل. سامحه الله - وإيانا بكرمه. واستهلت سنة ثمان وأربعين وستمائة: أسر ملك الفرنج ريدا فرنس قال المؤرخ: لما وصل السلطان الملك المعظم إلى المنصورة، كان ملك الفرنج ريدا فرنس - بعساكره وجموعه - بالجزيرة التي قبالة المنصورة، وهي الدقهلية. فرحل بمن معه طالباً دمياط. وذلك في ليلة الأربعاء، مستهل المحرم، من السنة. فتبعته عساكر المسلمين إلى فارس كور، وقاتلوه قتالاً شديداً وأخذوه أسيراً - هو وأخوه - واستولوا على عساكر الفرنج، وقتلوا منهم زيادةً عن عشرة آلاف فارس. وأسر من الخيالة والرجالة ما يناهز مائة ألف. وجيء بريدا فرنس وأخيه إلى المنصورة، فاعتقلا في دار فخر الدين بن لقمان بها. ورتب السلطان الأمير فخر الدين الطوري لقتل أسرى الفرنج فكان يقتل منهم في كل ليلة ثلاثمائة نفر، ويرميهم في البحر. وكتب السلطان الملك المعظم - كتاباً بخطه إلى الأمير جمال الدين موسى ابن يغمور النائب بدمشق، مضمونه بعد البسملة: ولده تورانشاه. الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن. وما النصر إلا من عند الله. ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم. وأما بنعمة ربك فحدث. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. يبشر المجلس السامي الجمالي - بل يبشر الإسلام كافة - بما من الله به على المسلمين، من الظفر بعدو الدين. فإنه كان قد استفحل أمره، واستحكم شره، ويئس العباد من البلاد والأهل والأولاد. فنودوا: لا تيأسوا من روح الله. ولما كان في يوم الأربعاء - مستهل السنة المباركة - تمم الله على الإسلام بركاتها - فتحنا الخزائن، وبذلنا الأموال، وفرقنا السلاح، وجمعنا العربان والمطوعة، واجتمع خلقٌ لا يحصيهم إلا الله تعالى، وجاؤوا من كل فجٍ عميق، ومن كل مكان بعيدٍ سحيق. ولما رأى العدو ذلك أرسل يطلب الصلح، على ما وقع الاتفاق بينهم وبين الملك الكامل، فأبينا. ولما كان الليل، تركوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، ونحن في آثارهم طالبين. وما زال السيف يعمل في أدبارهم، عامة الليل. وحل بهم الحرب والويل. فلما أصبحنا نهار الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفاً، غير من ألقى نفسه في اللجج. وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حجر. والتجأ الإفرنسيس إلى المنية، وطلب الأمان فأمناه، وأخذناه وأكرمناه. وتسلمنا دمياط بعون الله تعالى، وقوته وجلاله وعظمته. وذكر كلاماً طويلاً. وبعث مع الكتاب غفارة ريدا فرنس إلى الأمير جمال الدين، فلبسها. وهي اسقلاط أحمر، تحته سنجاب، وفيها شكل يكلة ذهب. فنظم الشيخ نجم الدين محمد، بن الخضر بن إسرائيل، مقطعات ثلاثاً، ارتجالاً، وهي: إن غفارة الفرنسيس التي جا ءت حباءً لسيّد الأمراء كبياض القرطاس لوناً، ولكن صبغتها سيوفنا بالدّماء وقال - يخاطب الأمير جمال الدين: يا واحد العصر الذي لم يزل يجوز في نيل المعالي المدا لا زلت في عزٍّ وفي رفعةٍ تلبس أسلاب ملوك العدا وكتب عن الأمير جمال الدين مقدمة كتاب،