لقد وعد صدام قواته بالفتح السريع الذي لا يتجاوز الثلاثة ايام . لذا فان الجيش العراقي لم ير ضرورة للاستعداد لحرب طويلة مدمرة . لكن القوات العراقية واجهت - وقبل تحقيق الاهداف المرسومة - صلابة وقوة الدفاع الذي تميز به الشعب الايراني . وانتهت مساعي القوات العراقية لكسر الخطوط الدفاعية بالفشل على عدة مراحل بعد تحملها لخسائر فادحة . ورويدا رويدا اتضح لامريكا خطأ حساباتها ومرارتها . فبدات مرحلة من الضغط السياسي على ايران بقيادة البيت الابيض ، وعن طريق المنظمات الدولية والبلدان العربية .
فهؤلاء وبدلا من ادانة المعتدي ، بادروا الى الضغط على ايران الاسلامية لقبول وقف اطلاق النار . والحال ان القبول بوقف اطلاق النار في تلك الظروف كان يعني مكافاة صدام المعتدي على اعتداله وتحقيق هدفه وهدف اعداء الثورة الذي لم يتمكنوا من تحقيقه من خلال جبهات ا لحرب .
ان ايران لم تشن الحرب حتى تبادر هي الى ايقافها ، وقد وقفت بوجه المعتدي في احلك الظروف لمنعه من المزيد من التقدم ،كما ان العدو احتل عشرات المدن ومئات القرى ومساحات شاسعة من المناطق النفطية في غرب وجنوب البلاد ، كما ان الحرب ليست دائرة على طرفي الحدود بين البلدين حتى يصار الى مطالبة من وقع عليه الهجوم بالقبول بوقف اطلاق النار . وعلى فرض ان صدام لايريد من وقف اطلاق النار التقاط انفاسه واستعادة قواه لمعاودة المحاولة لتحقيق اهدافه ، فان قبول وقف اطلاق النار من قبل ايران سيعني ان القوات العراقية المعتدية ستبقى في عمق الاراضي الايرانية ، مما سيضطر الجمهورية الاسلامية الى اعطاء الامتيازات الهائلة ولسنوات لاسترداد كل متر مربع من اراضيها المحتلة وستجبر على استجداء المنظمات الدولية والسماسرة السياسيين وبالنتيجة العامل الاصلي لاشعال الحرب (امريكا ) لمساعدتها في استرداد اراضيها.
وهذا منطق لايرضاه اي حر غيور ، ناهيك عن الامام وجماهيره الذين خرجوا منتصرين للتو من ميدان القيام على اشد الملوك استبداداً في المنطقة .
هذا فضلا عن ان صدام لم يقدم اية ضمانات في كل تلك المقترحات المطروحة على سرعة انسحابه من الاراضي الايرانية ، بل انه ادعى رسميا بان المناطق المحتلة - وحتى التي لم تقع ضمن الاحتلال بعد - يجب ان تلحق بالاراضي العراقية ! وهذا الادعاء مشابه لما ادعاه عند احتلاله الكويت حينما اطلق عليها اسم المحافظة العراقية التاسعة عشرة ! .
والحقيقة ان ايا من الدول التي بادرت - بعد اتضاح حقيقة عجز صدام عن اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية - الى الحديث عن وقف اطلاق النار والضغط على ايران لقبول السلام ، لم يكونوا يرغبون في السلام حقيقة ، وهم يعلمون مسبقا بان اي شعب واي بلد لا يمكنه في ظروف كهذه القبول بالاستسلام . والسلام كان بالنسبة لهم عصا يسلطونها على ايران لازوائها وعزلها . واهم من كل ذلك فان الدول الرجعية العربية كانت تهدف من ادعاء السعي للسلام وايقاف اطلاق النار التخفيف من حدة الضغط الذي كانت تتعرض له من شعوبها الاسلامية ، والا فما لها والدفاع - من كافة النواحي - عن معتد معروف كصدام ، والوقوف بوجه بلد سخركل وجوده وامكاناته للدفاع عن الإسلام ؟