نظریة الکسب فی أفعال العباد

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 33/ 13
نمايش فراداده

قالوا: إنّ هنا نصوصاً تثبت بأنّه لا خالق إلاّ هو، كقوله (*اللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْء*) ^(1)، (*هَلْ
مِنْ خالِق غَيْرُ **اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالأَرْض*)^(2) إلى غير ذلك.
وبجانب هذا توجد نصوص، تَنسب أعمال العباد إليهم، وتُعلّق رضوان اللّه للمحسنين منهم وتعلّق غضبه
للمسيئين منهم و يقول:(*مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ *
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-الرعد:16.
2-فاطر:3.
--------------------
*( 30 )*
*فَعَلَيْها*)^(1)، (*إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها*)^(2) إلى
غير ذلك من الآيات.
فحملوا النصوص الأُولى على الخلق، وحملوا الثانية على الكسب جمعاً بين الأدلّة، فإذا قيل ما هذا
الكسب؟ وما يراد به؟ وهل هو أيضاً موجود أو معدوم؟ فمالوا يميناً ويساراً حتّى يأتوا به تفسيراً
معقولاً مع أنّه مضت على النظرية قرون عشرة لكنّها بقيت في محاق الإبهام، بل دخلت أخيراً في مدحرة
الإنكار، وهذا هو الذي ندرسه في الفصول المقبلة بعد مقدّمة موجزة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-الجاثية:15.
2-الإسراء:7.http://www.imamsadeq.o
gسلسلة المسائل العقائدية / 3 نظرية الكسب في أفعال العباد للاستاذ جعفر السبحاني من ص 31
ـ 57 ص
--------------------
*( 31 )*
*4*

*نظرية الكسب*

*بين *
*التفسير، والتكامل، والإبطال*
قد تعرفت على أنّ القول بالتوحيد في الخالقية ـ الذي يعبّر عنه اليوم بعموم القدرة والإرادة ـ
بالتفسير الذي قام به أهل الحديث والأشاعرة، صار ذا مضاعفات عديدة، أهمها: كون الإنسان مجبوراً لا
مختاراً، مسيّراً لا مخيّراً، غير مسؤول عن عمله وفعله، لأنّ الفعل فعل اللّه لا فعله، وهو خالقه
وموجده وليس له دور، سوى كونه وعاءً لفعل اللّه سبحانه.
كما تعرّفت على أنّ الشيخ الأشعري قد وقف على ما يترتب على تفسيره من النتائج الفاسدة، حاول أن
يتخلّص
--------------------
*( 32 )*
من ذلك المأزق بطرح نظرية الكسب حتّى يكون للإنسان دور في مجال أفعاله وأعماله فصار سهم الخالق هو
الإيجاد والإنشاء وسهم الإنسان هو الكسب والاكتساب، والثواب والعقاب على الكسب.
وقد مرّت على النظرية مراحل مختلفة عبر أجيال، وذلك لأنّ باذر الفكرة وغارسها مرّ عليها بإجمال دون
أن يفسّرها ويبيّنها، فأخذ روّاد منهج الأشعري بتبيينها وتفسيرها تارة، وتطويرها وإكمالها
ثانياً، إلى أن وصلت النوبة إلى العقول الحرّة، فأنكروها وأبطلوها وصرّحوا بأنّها نظرية لا تسمن