احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 174
نمايش فراداده

توبتهم على نبيه صلى الله عليه وسلم ليتوب المؤمنون من ذنوبهم لعلمهم بأن الله تعالى قابل توبتهم قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ابن مسعود قال يعني لازم الصدق ولا تعدل عنه إذ ليس في الكذب رخصة وقال نافع والضحاك مع النبيين والصديقين بالعمل الصالح في الدنيا وقال تعالى في سورة البقرة ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر إلى قوله أولئك الذين صدقوا صفة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار ثم قال في هذه الآية عنه مع الصادقين فدل على لزوم اتباعهم والاقتداء بهم لإخباره بأن من فعل ما ذكر في الآية فهم الذين صدقوا وقال في هذه الآية وكونوا مع الصادقين فدل على قيام الحجة علينا بإجماعهم وأنه غير جائز لنا مخالفتهم لأمر الله إيانا باتباعهم وقوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة فيه مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين غزوا معه من المهاجرين والأنصار وإخبار بصحة بواطن ضمائرهم وطهارتهم لأن الله تعالى لا يخبر بأنه قد تاب عليهم إلا وقد رضي عنهم ورضي أفعالهم وهذا نص في رد قول الطاعنين عليهم والناسبين إن بهم إلى غير ما نسبهم الله إليه من الطهارة ووصفهم به من صحة الضمائر وصلاح السرائر رضي الله عنهم قوله تعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله قد بينت هذه الآية وجوب الخروج على أهل المدينة مع رسول الله في غزواته إلا المعذورين ومن أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في القعود ولذلك ذم المنافقين الذين كانوا يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القعود في الآيات المتقدمة وقوله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه أي يطلبون المنفعة بتوقية إلا أنفسهم دون نفسه بل كان الفرض عليهم أن يقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنفسهم وقد كان من المهاجرين والأنصار من فعل ذلك وبذل نفسه للقتل ليقى بها رسول الله قوله تعالى ولا يطؤن موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا فيه الدلالة على أن وطء ديارهم بمنزلة النيل منهم وهو قتلهم أو أخذ أموالهم أو إخراجهم عن ديارهم هذا كله نيل منهم وقد سوى بين وطء موضع يغيظ الكفار وبين النيل منهم فدل ذلك على أن وطء ديارهم وهو الذي يغيظهم ويدخل الذل عليهم هو بمنزلة نيل الغنيمة والقتل والأسر وفي ذلك دليل على أن الاعتبار فيما يستحقه الفارس والراجل من