فظهر لك أن الوضع و الموضوع له و المستعمل فيه فى الحروف عام أما الاول لان الملحوظ حين اللحاظ عام و الموضوع له يكون عن هذا الملحوظ فهو أيضا عام و المستعمل فيه أى ابتداء من البصرة و أى انتهاء من الكوفة و ليس ابتداء خاص و انتهاء كذلك منظور للامر بل من أى ابتداء ابتدا و بأى انتهاء انتهى سيرة امتثل أمر الامر و لاجل هذه الكلية فى مثل ( سرت من البصرة الى الكوفة ) التجأ بعض الفحول كصاحب الفصول الى القول بالجزئية الاضافية فيها أى فى الحروف . و هو كما ترى لانه قلنا بأى ابتداء ابتدأ و بأى انتهاء انتهى سيرة امتثل أمر الامر و هذا الامتثال دليل على كلية المعنى و الا لم يحصل الامتثال .
قوله ( و ان كانت هى الموجبة لكونه جزئيا حيث أنه لا يكاد يكون المعنى حرفيا الا اذا لوحظ حالة لمعنى آخر و من خصوصياته القائمة به . ( و يكون حال المعنى الجزئى كحال العرض فكما لا يكون العرض فى الخارج الا فى الموضوع كسواد هذا الجسم و بياض ذاك كذلك المعنى الحرفى لا يكون من الذهن الا فى مفهوم آخر كابتداء البصرة و انتهاء الكوفة فى مثل ( سرت من البصرة الى الكوفة ) و امثالهما و لذا قيل فى تعريف الحرف بأنه ما دل على معنى فى غيره فالمعنى و ان كان لا محالة يصير جزئيا بهذا اللحاظ - أى بلحاظ معنى الغير بحيث يباينه اذا لوحظ ثانيا كما لوحظ أولا و لو كان اللاحظ واحدا - الا أن هذا اللحاظ لا يكاد يكون مأخوذا فى المستعمل فيه و الا أى و ان كان مأخوذا فى المستعمل فيه فلابد للاحظ من لحاظ آخر يتعلق بما هو ملحوظ بهذا اللحاظ . بداهة أن تصور المستعمل فيه مما لابد منه فى استعمال الالفاظ و هو كما ترى أى ملاحظة لحاظ آخر متعلق بما هو ملحوظ بهذا اللحاظ يكون كما ترى أى ليس فى المقام موجودا .