بل لا يخفى على اللبيب الفطن أن هذا العزل والنصب نص على خلافة علي عليه السلام وعلى بطلان خلافة أبي بكر ، لأن من لا يصلح لتبليغ بعض آيات سورة من الكتاب ، كيف يصلح للخلافة المستلزمة لتبليغ جميع الكتاب والأحكام . وحكاية عزل أبي بكر ونصب علي عليه السلام حديث ثابت متواتر ، رواه أحمد بن حنبل بعدة أسانيد في مسنده ( 1 ) ، والبخاري في موضعين من صحيحه في الجزء الأول وفي الجزء الخامس ( 2 ) ، ورواه الثعلبي في تفسيره ( 3 ) ورزين بن معاوية في الجمع بين الصحاح الستة من صحيح أبي داود وصحيح الترمذي ( 4 ) .
ومما يدل أيضا على بطلان هذا الاحتمال ، ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده باسناده الى ام سلمة ، أنها قالت : والذي أحلف به ان عليا عليه السلام كان أقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله ، قالت : فاني كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله غداة يوم قبض ، فجاء علي مرارا ، قالت ام سلمة : فأظنه كان بعثه في حاجة ، قالت : فجاء بعد ، قالت : فظننت أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب ، وكنت من أدناهم الى الباب ، فأكب عليه علي عليه السلام فجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض صلى الله عليه وآله يومه ذلك ، فكان اقرب الناس به عهدا ( 5 ) . وما رواه أبو بكر أحمد بن مردويه في كتاب المناقب ، باسناده الى علقمة والأسود ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيتي لما حضره الموت : ادعوا لي حبيبي ، فدعوت له أبا بكر ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم وضع رأسه ثم قال :
( 1 ) مسند أحمد بن حنبل 1 : 150 و 151 ، وفضائل الصحابة
له 2 : 562 و 640
. ( 2 )
صحيح البخاري 1 : 78 و 6 : 64
. ( 3 )
العمدة ص 163 ح 252 عنه ، والطرائف ص 39 ح 32 عنه ، واحقاق الحق
3 : 430 عنه
. ( 4 )
العمدة ص 165 عن الجمع بين الصحاح الستة ، والطرائف ص 38 - 39 عنه
. ( 5 )
راجع : مسند أحمد بن
حنبل 6 : 300 ، ومستدرك الحاكم 3 : 138 - 139 ، وذخائر العقبى ص 72 .