اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 141
نمايش فراداده

فصل في نفى الشعر من القرآن

قد علمنا أن الله تعالى نفى الشعر عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :

( وما علمناه الشعر وما ينبغى له ، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) ( 1 ) .

وقال في ذم الشعراء : ( والشعراء يتبعهم الغاوون . ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ) ( 2 )

إلى آخر ما وصفهم به في هذه الآيات .

وقال : ( وما هو بقول شاعر ) ( 3 ) .

وهذا يدل على أن ما حكاه عن الكفار - من قولهم : إنه شاعر ، وإن هذا شعر - لابد من أن يكون محمولا على أنهم نسبوه [ إلى أنه يشعر بما لا يشعر به غيره من الصنعة اللطيفة في نظم الكلام ، لا أنهم نسبوه ] في القرآن إلى أن الذى أتاهم به هو من قبيل الشعر الذى يتعارفونه على الاعاريض المحصورة المألوفة .

أو يكون محمولا على ما كان يطلق الفلاسفة على حكمائهم وأهل الفطنة منهم في وصفهم إياهم بالشعر ، لدقة نظرهم في وجوه الكلام وطرق لهم في المنطق .

وإن كان ذلك الباب خارجا عما هو عند العرب شعر على الحقيقة .

أو يكون محمولا على أنه أطلقه ( 4 ) بعض الضعفاء منهم في معرفة أوزان الشعر .

وهذا أبعد الاحتمالات .

فإن حمل على الوجهين الاولين كان ما أطلقوه صحيحا ، وذلك أن الشاعر يفطن لما لا يفطن له غيره ، وإذا قدر على صنعة الشعر كان على ما دونه - في رأيهم وعندهم - أقدر ، فنسبوه إلى ذلك لهذا السبب .

فإن زعم زاعم أنه قد وجد في القرآن شعرا كثيرا ، فمن ذلك ما يزعمونأنه بيت تام أو أبيات تامة ، ومنه ما يزعمون أنه مصراع ، كقول القائل : قد قلت لما حاولوا سلوتي ( هيهات هيهات لما توعدون ) ( 5 ) ومما يزعمون أنه بيت ، قوله : ، ( وجفان كالجواب وقدور راسيات ) ( 6 )

( 1 ) سورة يس : 69 .

( 2 ) سورة الشعراء : 224 - 225 .

( 3 ) سورة الحاقة : 41 .

( 4 ) س : " أطلق عن بعض " .

( 5 ) سورة المؤمنون ، : 36 .

( 6 ) سورة سبأ .