الاستراحة في الخطاب إلى الفواصل لتحسين الكلام بها ، وهى الطريقة التى يباين القرآن بهسائر الكلام ، وزعم أن الوجه في ذلك أنه من الفواصل ، أو زعم أن ذلك وقع غير مقصود إليه - فإن ( 1 ) ذلك إذا اعترض في الخطاب لم يعد سجعا ، على ما قد بينا في القليل من الشعر ، كالبيت الواحد ، والمصراع ، والبيتين من الرجز ، ونحو ذلك يعرض فيه ، فلا يقال إنه شعر ، لانه لا يقع مقصودا إليه ، وإنما يقع مغمورا في الخطاب ، وكذلك حال السجع الذى يزعمونه ويقدرونه .
ويقال لهم : لو كان الذى في القرآن على ما تقدرونه سجعا ، : لكان مذموما مرذولا ، لان السجع إذا تفاوتت أوزانه ، واختلفت طرقه ، كان قبيحا من الكلام . وللسجع منهج مرتب محفوظ ، وطريق مضبوط ( 2 ) ، متى أخل به المتكلموقع ( 3 ) الخلل في كلامه ، ونسب إلى الخروج عن الفصاحة .
كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا ، وكان شعره مرذولا ، وربما أخرجه عن كونه شعرا .
وقد علمنا أن بعض ما يدعونه سجعا متقارب ( 4 ) الفواصل ، متدانى المقاطع ، وبعضها مما يمتد حتى يتضاعف طوله عليه ، وترد الفاصلة على ذلك الوزن الاول بعد كلام كثير ، وهذا في السجع غير مرضى ولا محمود .
فإن قيل : متى خرج السجع [ من ] المعتدل إلى نحو ما ذكرتموه ، خرج من أن يكون سجعا ، وليس على المتكلم أن يلتزم أن يكون كلامه كله سجعا ، بل يأتي به طورا ثم يعدل عنه إلى غيره ، ثم قد يرجع إليه .
قيل : متى وقع أحد مصراعي البيت ( 5 ) مخالفا للآخر ، كان تخليطا وخبطا ، وكذلك متى اضطرب أحد مصراعي الكلام المسجع وتفاوت كان خبطا .
[ وقد ] علم أن فصاحة القرآن غير مذمومة في الاصل ، فلا يجوز أن يقع فيها نحو هذا الوجه من الاضطراب ( 6 ) .
( 1 ) س : " وأن " ( 2 ) م : " والسجع منهج قريب .
وطريقة مضبوطة "
. ( 3 ) س : " أوقع "
. ( 4 ) م : " متفاوت "
. ( 5 ) م : " الشعر "
. ( 6 ) م : " من الاختلال "