اعجاز القرآن

محمد بن طیب باقلانی

نسخه متنی -صفحه : 396/ 151
نمايش فراداده

ونحن نذكر بعد هذا في التفصيل ، ما يكشف عن مباينة ذلك وجوه السجع .

ومن جنس السجع المعتاد عندهم ، قول أبى طالب ( 1 ) لسيف بن ذى يزن :

" أنبتك منبتا ( 2 ) طابت أرومته ، وعزت جرثومته ، وثبت أصله ، وبسق فرعه ونبت زرعه ، في أكرم موطن ، وأطيب معدن " .

وما يجرى هذا المجرى من الكلام .

والقرآن مخالف لهذه ( 3 ) الطريقة مخالفته للشعر وسائر أصناف كلامهم الدائر بينهم .

ولا معنى لقولهم : إن ذلك مشتق من ترديد الحمامة صوتها على نسق واحد وروى غير مختلف ، لان ما جرى هذا المجرى لا يبنى على الاشتقاق وحده ، ولو بنى عليه لكان الشعر سجعا ، لان روية يتفق ولا يختلف ، وتتردد القوافى على طريقة واحدة . وأما الامور التى يستريح إليها الكلام ، فإنها تختلف : فربما كان ذلكيسمى ( 4 ) قافية ، وذلك إنما يكون في الشعر ، وربما كان ما ينفصل عنده ( 5 ) الكلامان ( 6 ) مقاطع السجع ، وربما شمى ( 7 ) ذلك فواصل .

وفواصل القرآن - مما هو مختص بها ( 8 ) لا شركة بينه وبين سائر الكلام فيها ولا تناسب .

وأما ما ذكروه من تقديم موسى على هارون عليهما السلام في موضع ، وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوى مقاطع الكلام - فليس بصحيح ، لان الفائدة عندنا غير ما ذكروه .

وهى ( 9 ) : أن إعادة ذكر القصة الواحدة بألفاظ مختلفة ، تؤدى معنى واحدا من الامر الصعب ، الذى تظهر به الفصاحة ، وتتبين به ( 10 ) البلاغة . وأعيد كثير من القصص في مواضع [ كثيرة ] مختلفة ، على ترتيبات متفاوتة ، ونبهوا بذلك على عجزهم عن الاتيان بمثله مبتدأ به ومكررا .

( 1 ) في دلائل النبوة 1 24 : " قول عبد المطلب " مع اختلاف في الرواية قليل

( 2 ) م : " منبتك منبت "

( 3 ) س : " لنحو هذه "

( 4 ) ا ، ب : " مسمى "

( 5 ) س : " عنده "

( 6 ) هكذا في ا ، ب ، م

( 7 ) م : " يسمى "

( 8 ) م : " ما يختص بها "

( 9 ) م : " وهو "

( 10 ) س : " فيه "