إن قال قائل : بينوا لنا ما الذى وقع التحدي إليه ؟
أهو الحروف المنظومة ؟
أو الكلام القائم بالذات ؟
أو غير ذلك ؟
قيل : الذى تحداهم به : أن يأتوا بمثل الحروف التى هي نظم القرآن ، منظومة كنظمها ، متتابعة كتتابعها ، مطردة كاطرادها ، ولم يتحدهم إلى أن يأتوا بمثل الكلام القديم الذى لا مثل له .
وإن كان كذلك فالتحدي واقع إلى أن يأتوا بمثل الحروف المنظومة ، التى هي عبارة عن كلام الله تعالى في نظمها وتأليفها ، وهى حكاية لكلامه ، ودلالات عليه ، وأمارات ( 1 ) له ، على أن يكونوا مستأنفين لذلك ، لا حاكين بما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا يجب أن يقدر مقدر أو يظن ظان أنا حين قلنا : إن القرآن معجز ، وأنه ( 2 ) تحداهم إلى أن يأتوا بمثله - أردنا غير ما فسرناه ، من العبارات عن الكلام القديم القائم بالذات .
وقد بينا قبل هذا أنه لم يكن ذلك معجزا ، لكونه عبارة عن الكلام ( 3 ) القديم ، لان التوراة والانجيل عبارة عن الكلام ( 4 ) القديم ، وليس ذلك بمعجز في النظم والتأليف .
وكذلك ما دون الآية - كاللفظة - عبارة عن كلامه ، وليست بمنفردها بمعجزة .
وقد جوز بعض أصحابنا : أن يتحداهم إلى مثل كلامه القديم القائم بنفسه ! والذى عول عليه مشايخنا ما قدمنا ذكره ، وعلى ذلك أكثر مذاهب الناس .
( 1 ) م : " ودلالة .
وأمارة "
( 2 ) س : " فإنه "
( 3 ) م ، ك : " كلام "
( 4 ) ك ، م : " كلام "