استقصا لاخبار دول المغرب الاقصی

احمد بن خالد سلاوی؛ تحقیق: جعفر الناصری، محمد الناصری

نسخه متنی -صفحه : 563/ 174
نمايش فراداده

الإتاوة وحضروا ابن باديس في مصره وصاهرهم ببنائه تأليفا لهم ومع ذلك فلم يجد شيئا والحديث في ذلك
طويل وليس تتبعه من غرضنا
قال ابن خلدون ولهؤلاء الهلاليين في الحكاية عن دخولهم إلى إفريقي طرق يزعمون أن الشريف ابن هاشم
كان صاحب الحجاز ومكة ويسمونه شكر بن أبي الفتوح وأنه أصهر إلى الحسن بن سرحان في أخته جازية فأنكحه
إياها وولدت منه ولدا واسمه محمد وإنه حدث بينهم وبين الشريف المذكور مغاضبة وفتنة فأجمعوا الرحلة
عن أرض نجد إلى إفريقية وتحيلوا عليه في استرجاع أختهم جازية المذكورة فطالبته بزيارة أبويها
فأزارها إياهم وخرج بها إلى حللهم وأقام معها مدة الزيارة فارتحلوا به وبها وكتموا رحلتهم عنه
وموهوا عليه بأنهم يباكرون به للصيد والقنص ويروحون به إلى بيوتهم بعد بنائها فلم يشعر بالرحلة إلى
أن فارق موضع ملكه وصار حيث لا يملك أمرها عليهم ففاقوه ورجع إلى مكانه من مكة وبين جوانحه من حبها
ويتناقلون من أخبارها في ذلك ما يعفي على خبر قيس وليلى ويروون كثيرا من أشعارها محكمة المباني
مثقفة الأطراف وفيها المطبوع والمنتحل والمصنوع لم يفقد فيها من البلاغة شيء وإنما فقد منها
الإعراب فقط ولا مدخل له في البلاغة
وفي هذه الأشعار شيء كثير دخلته الصنعة وفقدت فيه صحة الرواية
--------------------
167
فلذلك لا يوثق ولو صحت روايته لكانت فيه شواهد بآياتهم ووقائعهم مع زناتة وحروبهم وضبط لأسماء
رجالاتهم وكثير من أحوالهم لكنا لا نثق بروايتها وربما يشعر بالبصيرة بالبلاغة بالمصنوع منها
وغيره وهم متفقون على الخير عن حال جازية هذه والشريف خلفا عن سلف وجيلا عن جيل ويكاد القادح فيها
والمستريب في أمرها أن يرمي عندهم بالجنون لتواترها بينهم
وهذا الشريف الذي يشيرون إليه هو من الهواشم وهو شكر بن أبي الفتوح الحسن بن جعفر بن أبي هاشم محمد
بن الحسن بن محمد الأكبر ابن موسى الثاني ابن عبد الله أبي الكرام بن موسى الجون بن عبد الله الكامل
بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وأبو الفتوح هو الذي خطب لنفسه بمكة أيام الحاكم العبيدي وبايع له بنو الجراح أمراء طيء بالشام
وبعثوا عنه فوصل إلى أحيائهم وبايع له كافة العرب ثم غلبتهم عساكر الحاكم العبيدي ورجع إلى مكة وهلك
سنة ثلاثين وأربعمائة فولي بعده ابنه شكر هذا وهلك سنة ثلاث وخمسين وولي بعده ابنه محمد الذي يزعم
هؤلاء الهلاليون أنه من جازية هذه
وقال ابن حزم إن شكر بن أبي الفتوح لم يولد له قط وإنما صار أمر مكة من بعده إلى عبد كان له
وقال ابن خلدون بل أخبرني من أثق به من الهلاليين لهذا العهد أنه وقف على بلاد الشريف شكر بن أبي
الفتوح وأنها بقعة من أرض نجد مما يلي الفرات وإن ولده بها لهذا العهد والله أعلم
واعلم أن جازية بنت سرحان هذه كانت من بني دريد بن أثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن
صعصعة فهي هلالية أثبجية دريدية ومن مزاعمهم أنها لما صارت إلى إفريقية وفارقت الشريف ابن هاشم
المذكور خلفه عليها منهم ماضي بن مقرب من رجالات دريد فأقامت
--------------------
168
عنده مدة ثم غاضبته ولحقت بأخيها الحسن بن سرحان فمنعها منه فقامت عشيرة ماضي بن مقرب معه وقاتلوا
الحسن بن سرحان وعشيرته وثارت الفتنة بينهم وقتل فيها الحسن بن سرحان واستمرت العداوة بنيهم غلى
أيام الموحدين فهذا سبب انتقال هؤلاء العرب من الحجاز ونجد إلى إفريقية
وأما سبب انتقالهم من إفريقية إلى المغرب الأقصى فقد ذكرنا أن بني سليم بن منصور وبني هلال بن عامر
اقترعوا على بلاد إفريقية فكان لني سليم شرقها ولني هلال غربها ثم تغلبوا على ضواحيها وأمصارها
وضايقوا ملوكها بها
وانظم إلى بني هلال بن عامر بنو جشم بن معاوية بن بكر فعلت أيديهم على الجميع واستمر أمرهم على ذلك
إلى أن كانت دولة يعقوب المنصور الموحدي رحمه الله ثار ابن غانية ببلاد إفريقية كما تقدم فظاهرته