استقصا لاخبار دول المغرب الاقصی

احمد بن خالد سلاوی؛ تحقیق: جعفر الناصری، محمد الناصری

نسخه متنی -صفحه : 563/ 523
نمايش فراداده

أن وجدته يشير إلى نفسه بأنه المهدي المعلوم المبشر به في صحيح الأحاديث فتركته وراء ونبذته
بالعراء اه
وقال الشيخ اليوسي في محاضراته وقد تكلم على الدعوى الفاطمية ما نصه وممن ابتلي بها قريبا أحمد بن
عبد الله بن أبي محلي التستاوتي خاض في الطريق حتى حصل له نصيب من الذوق وألف فيها كتابا يدل على ذلك
ثم نزغت به هذه النزغة فحدثونا أنه كان في أول أمره معاشرا لمحمد بن أبي بكر الدلائي وكان البلد إذ
ذاك قد كثرت فيه المناكر وشاعت فقال ابن أبي محلي لابن أبي بكر ذات ليلة هل لك في أن نخرج غدا إلى
الناس فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر فلم يساعفه لما رأى من تعذر ذلك لفساد الوقت وتفاقم الشر فلما
أصبحا خرجا فأما ابن أبي بكر فانطلق إلى ناحية النهر فغسل ثيابه وازال شعثه بالحلق وأقام صلاته
وأوراده في أوقاتها
--------------------
29
وأما ابن أبي محلي فتقدم لما هم به من الحسبة فوقع في شر وخصام أداه إلى فوات الصلاة عن الوقت ولم
يحصل على طائل فلما اجتمعا بالليل قال له ابن أبي بكر أما أنا فقد قضيت مآربي وحفظت ديني وانقلبت في
سلامة وصفاء ومن أتى منكرا فالله حسيبه أو نحو هذا من الكلام وأما أنت فانظر ما الذي وقعت فيه ثم لم
ينته إلى أن ذهب إلى بلاد القبلة ودعا لنفسه وادعى أنه المهدي المنتظر وأنه بصدد الجهاد فاستخف قلوب
العوام واتبعوه اه
وصار ابن أبي محلي يكاتب رؤساء القبائل وعظماء البلدان يأمرهم بالمعروف ويحضهم على الاستمساك
بالسنة ويشيع أنه الفاطمي المنتظر وأن من تبعه فهو الفائز ومن تخلف عنه فموبق وربما كان يقول
لأصحابه محرضا لهم على نصرته أنتم أفضل من أصحاب النبي لأنكم قمتم بنصر الحق في زمن الباطل وهم
قاموا به في زمن الحق ونحو هذا من زخارف كلامه وإلى ذلك أشار الفقيه أبو زكرياء يحيى بن عبد المنعم
الحاحي في بعض قصائده معرضا بأبي محلي المذكور فقال
( يا أمة المصطفى الهادي أليس لكم
فيمن مضى أسوة من سائر العلما )
( نسيتم دين خير الخلق وافترقت
آراؤكم فغدا الإسلام منقسما )
( أتحسبون بأن الله تارككم
سدى وخلقكم قد تعلمون لما )
( ناشدتكم بالذي في العرض يجمعنا
أما فطنتم ومالاه كمن فهما )
( بأن مغربكم قد عمه سخط
من المهيمن يا لله معتصما )
( إن قيل للناس إن الهرج يوبقكم
قالوا الفقيه فلان قبلنا اعتزما )
( لو لم يكن جاز ما أفتى الإمام به
ولا أتاه ألا تبنوا الذي انهدما )
( ومن يقل قال خير الخلق قيل له
ها صاحب الوقت يكفينا الذي علما )
( ونحن أفضل من صحب الرسول لنا
أجر يضاعف في أجفارنا نظما )
( وزخرفوا ترهات القول فانفعلت
لهم نفوس عوام رشدها عدما )
--------------------