استقصا لاخبار دول المغرب الاقصی

احمد بن خالد سلاوی؛ تحقیق: جعفر الناصری، محمد الناصری

نسخه متنی -صفحه : 563/ 546
نمايش فراداده

الواحد بن عاشر لم يجب عن هذه القضية حتى رأى بعينه حين قدم إلى سلا بقصد المرابطة فرأى أهل الأندلس
يحملون الطعام إلى النصارى ويعلمونهم بعورة المسلمين فأفتى حينئذ بجواز مقاتلتهم فقاتلهم أبو عبد
الله وحكم السيف في رقاب هم أياما إلى أن أخمد بدعتهم وجمع الكلمة بهم
ولما وقعت غزوة الحلق الكبرى قدمت الوفود على أبي عبد الله بقصد التهنئة بما منحه الله من الظفر فحض
الناس على استئصال شافة من بقي بالحلق من النصارى وعير العرب بترك الكفار في بلادهم وكان ممن حضر من
العرب جماعة من الخلط وبني مالك والتاغي والدخيسي وغيرهم فقال لهم أبو عبد الله والله والله والله
إن لم تأخذكم النصارى لتأخذنكم البربر فقالوا يا سيدي كيف يكون هذا وأنت فينا فقال لهم اسكتوا أنتم
الذين تقطعون رأسي فكان كذلك وهذا من كراماته رضي الله عنه ثم صرف عزمه إلى التضييق على نصارى
العرائش وشن الغارات عليهم فتقدم في جمع من المسلمين وكمن بالغابة نحوا من سبعة أيام فخرجوا على حين
غفلة فمكن الله من رقابهم وكان في مدة كمونه بالغابة أخذ حناشا من عرب طليق يقال له ابن عبود والحناش
في لسان عامة أهل المغرب هو الجاسوس فأراد عبد الله قتله فقال له اسبقني وأنا تائب إلى الله وأنا
أنفع المسلمين
--------------------
77
إن شاء الله فتركه فذهب إلى النصارى وكان موثوقا به عندهم حتى كانوا يؤدون إليه الراتب فقال لهم إن
أحياء العرب وحللها قد نزلوا بوادي العرائش فلو أغرتم عليهم لغنمتموهم فخرجوا فمكن الله منهم
وطحنهم المسلمون في ساعة واحدة طحت الحصيد ولم ينج منهم إلا الشريد وكان ابن عبود قد بقي بأيديهم
فأخذوه ومثلوا به ونزعوا أسنانه وأرادوا قتله لولا أنه رفعهم إلى شرعهم وكان عدد من قتل من النصارى
نحو ألف وكانت هذه الوقعة سنة أربعين وألف
بقية أخبار السلطان عبد الملك بن زيدان ووفاته
قال اليفرني كان عبد الملك بن زيدان فاسد السيرة مطموس البصيرة وبلغ من قلة ديانته أنه تزايد له
مولود فأظهر أنه أراد أن يحتفل لسابعه فبعث إلى نساء أعيان مراكش ونساء خدامه أن يحضرن وصعد هو إلى
منارة في داره فنظر إلى النساء وهن منتشرات قد وضعن ثيابهن فأيتهن أعجبته بعث إليها وكان مدمنا على
شرب الخمر إلى أن قتله العلوج بمراكش وهو سكران يوم الأحد سادس عشر شعبان سنة أربعين وألف ودفن إلى
جانب قبر أبيه
وبسط منويل خبر مقتله فقال لما ثار الوليد على أخيه عبد الملك وعادت الكرة عليه بقي متنقلا في
البلاد ثم رغب إلى أخيه حتى رده إلى مراكش فأخذ الوليد يستميل رؤساء الدولة ووجوهها وتجارها ويعدهم
بالإحسان حتى وافقوه على الفتك بأخيه فترصدوه حتى غفل البوابون ودخلوا عليه قبته وهو متكئ على
طنفسة فرموه برصاصة وتناولوه بالخناجر المسماة عند المغاربة بالكميات وقامت الهيعة بالمشور
والقصبة فخاف الوليد على نفسه من بعض قواد الجند فأخرج جنازة أخيه إلى المشور حتى شاهده الناس ميتا
فسكنوا وانقطع أملهم وبايعوه انتهى قال اليفرني ومما رأيته منقوشا على رخامة قبره هذان البيتان
--------------------
78
( لا تقنطن فإن الله منان
وعنده للورى عفو وغفران )
( إن كان عندك إهمال ومعصية
فعند ربك أفضال وإحسان )
ومن وزرائه محمد باشا العلج ويحيى آجانا الوريكي وجؤذر وغيرهم وقاضيه الفقيه أبو مهدي عيسى بن عبد
الرحمن السكتاني قاضي مراكش ومفتيه أبو العباس أحمد السملالي رحم الله الجميع
الخبر عن دولة السلطان أبي يزيد الوليد بن زيدان رحمه الله
لما قتل السلطان عبد الملك بن زيدان في التاريخ المتقدم بويع أخوه الوليد بن زيدان فلم يزل مقتصرا
على ما كان لأخيه وأبيه من قبله لم يجاوز سلطانه مراكش وأعمالها وعظمت الفتن بفاس حتى عطلت الجمعة