استقصا لاخبار دول المغرب الاقصی

احمد بن خالد سلاوی؛ تحقیق: جعفر الناصری، محمد الناصری

نسخه متنی -صفحه : 563/ 547
نمايش فراداده

والتراويح من جامع القرويين مدة ولم يصل به ليلة القدر إلا رجل واحد من شدة الهول والحروب التي كانت
بين أهل المدينة
واقتسم المغرب في أيام أولاد زيدان طوائف فكان حاله كحال الأندلس أيام طوائفها كما ذكرنا ونذكر بعد
إن شاء الله
ظهور أبي حسون السملالي المعروف بأبي دميعة بالسوس ثم استيلاؤه على درعة وسجلماسة وأعمالها
هذا الرجل هو أبو الحسن ويقال أبو حسون علي بن محمد بن محمد بن الولي الصالح أبي العباس أحمد بن موسى
السملالي وكان بدء أمره أنه لما ضعف أمر السلطان زيدان بالصقع السوسي وفشل ريحه فيه نبغ هو فدعا
لنفسه وجر نار الرياسة إلى قرصه وتألبت عليه البرابرة من بسائط جزولة وجبالها والتفت عليه غالب
القبائل السوسية فاستولى على تارودانت وأعمالها إلى أن أخرجه عنها الفقيه أبو زكرياء بن عبد المنعم
بعد حروب
--------------------
79
وفتن عظيمة حسبما مرت الإشارة إليه
ولما توفي أبو زكرياء في التاريخ المتقدم صفا لأبي حسون قطر السوس ونفذ فيه أمره وسمعت كلمته ثم بعد
مهلك زيدان مد يده إلى درعة فاستولى عليها ثم استولى سجلماسة ونواحيها فاستحكم أمره وتقوى عضده
ولم يزل أمره نافذا في سجلماسة إلى أن ثار عليه الأسد الهصور المولى محمد بن الشريف فأخرجه من
سجلماسة بعد حروب يشيب لها الوليد ثم أخرجه من درعة أيضا على ما نذكره بعد وقد وقفت على سؤال رفع من
جانب أبي حسون إلى القاضي أبي مهدي السكتاني في شأن مدينة إيليغ دار رياسته ومقر عزه يستفتيه في
إحداث كنيسة اليهود بها هل يجوز أم لا وفيه مع ذلك بعض الكشف عن حال هذه المدينة فلنذكره ونصه
الحمد لله الذي ارتضى للإسلام دينا وأنزل به على خيرة خلقه كتابا مبينا الفقيه الأجل العلامة
الأحفل القاضي الأعدل خاتمة المحققين ومعتمد الموثقين أبا مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني وفقه
الله لما يرضيه وأعانه على ما هو متوليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد تقرر عند سيدنا
أمر هذه الحضرة العلية العلوية إيليغ أدم بهجتها كما رفع كغيرها من الحواضر درجتها وأنها محدثة
فتوفرت ببركة بانيها عمارتها ومبانيها فاتخذها مسكنا أهل السهول والحزون وجمعت لطيب تربتها بين
الضب والنون فنزلها برسم الاستيطان أو شاب من أهل الذمة بإذن مختطها
--------------------
80
الإمام العالي الهمة فاختطوا بها عن إذنه منازلهم وبنوا بفنائها كنيستهم وصيروها متعبدهم فاتفق
والحديث شجون أن جرى ببعض أندية علمائها ومحضر جمع من نبهاء البلدة وفقهائها كلام أفضى بهم إلى ذكر
الكنيسة المذكورة والمجادلة في محصل الحكم الشرعي فيها في الدواوين المسطورة فأفتى بعضهم بوجوب
هدمها لأنها محدثة ببلاد الإسلام ولما في تركها من المفاسد العظام وأنها لا تترك لهم متعبدا وجزم
الكلام وقال هذا محصل ما ذكره في مثل هذه القضية الأعلام وأفتى فريق بجواز إبقائها وأنه لا ينبغي
تقويض بنائها ولا التعرض لهم في إحداثها إذ على مثل هذا من دينهم الفاسد أقروا وأعطوا الذمة فأعطوا
الجزية صاغرين ولم يرد منع اجتماع دينين إلا في جزيرة العرب وكم من بلد إسلامي محدث مشحون بالعلماء
أحدثت فيه ولم يقولوا بمنعه وتواطؤهم على تركها كالنص والدليل على جواز إحداثها وإبقائها بعده
واستمر الحجاج وكثر اللجاج ولم يقنع كل فريق بما أبداه الآخر من الاحتجاج فعطلت لذلك إلى أن تفرقوا
فيها بعلمكم النافع بين العذب والأجاج بفتوى تبين صحيح الأقوال من سقيمها وتفصل بين ليلى وغريمها
ولولا محل النازلة من الدين ما رفعت إليكم فلذلك وجب الجواب عنها عليكم مع مسألة أخرى وهي أنهم
طلبوا أن تترك لهم بقعة يوارون فيها جيف موتاهم لأن مسافة ما بينهم وبين أفران التي هي مقبرة قديمة
لهم بعيدة هل يساعفون أم لا والله يبقيكم ومجدكم محروس وظل من استزلكم مكنوس والسلام عليكم
الجواب
الحمد لله وعلى فقهاء بلادنا السوسية حرسها الله وأكرمهم باتباع سنة رسول الله السلام ورحمة الله