ومن خلال قراءة أحاديث هذه المجموعة تنعكس طبيعة اُصول القدماء والأحاديث الموجودة فيها، وكيفية أخذ أصحاب الجوامع الحديثية من هذه الاُصول، وماهية الأحاديث التي أهملوها ولم يوردوها في مجاميعهم، ومقارنة الجوانب المختلفة لأحاديثها مع الأحاديث الموجودة في المصنفات الحديثية، وينكشف الكثير من القرائن والحقائق في علم الحديث التي يستفاد منها في علم الفقه والاُصول والرجال.
ومن خلال مقارنة أحاديث الأئمةعليهم السلام وعلومهم الواسعة والكثيرة التي هي فوق حدّ الإحصاء، ومن اتّحاد كلماتهمعليهم السلام بالرغم من كثرتها وصدورها في أزمنة متفاوتة ولأفراد مختلفين، وتطابقها وانسجامها مع بعض ومع كلمات رسول اللَّهصلى الله عليه وآله وسيرته؛ يُعلم من خلال ذلك كلّه إلهية دعوتهم وعلومهم.
ومن فوائد هذه المجموعة أيضاً تكثّر طرق بعض الأحاديث المتفرّدة أو القليلة الطرق أو الضعيفة أو المرسلة - كما في تفسير العياشي - لكنّها بفضل الأحاديث الموجودة هنا خرجت عن الإرسال، كما في الحديث السابع والستّين من كتاب عاصم عن أبي إسحاق النحوي الذي جاء في تفسير العياشي مرسلاً، كما في البحار.
كانت هذه المجموعة منذ ثماني سنوات مورد نظر وتأمّل وتحقيق عندنا -وإن لم يكن ذلك متواصلاً؛ لانسداد طريق العلم والتحقيق في كثير من مسائلها في عصرنا مع حثّ جماعة من العلماء على إظهارها ووضعها في متناول الباحثين، ولكنّي كنت أشعر بعدم كفاية تلك التحقيقات، وكانت بحاجة إلى اجتهاد كثير في مختلف مجالاتها، كما لا يخفى ذلك على ذويالألباب، خصوصاً مع تقدّمها التاريخي واضمحلال قرائن العلم والمعرفة، ثمّ أقدمنا على إخراجها عندما شعرنا بكفاية التحقيق وحلول وقت تقديمها إلى مجامعنا العلمية.
وتختلف الأحاديث الموجودة في هذه المجموعة من حيث الصورة والشكل: فقسم منها معظمه مرويّ عن الأئمّةعليهم السلام بلا واسطة، كما في أصلي النرسي والزراد؛ وقسم آخر كذلك لكن مع واسطة أو أكثر كما في أصل عاصم؛ وقسم ثالث مرويّ بتمامه مع الواسطة كما في كتاب عبّاد. فالراوي أخذ الأصل -بهذا العدد من الروايات المتفرّقة من جامعه أو من الرواة عنه.