إسناده كلهم ثقات ، وفي البخاري عن أبي حميد الساعدي : رأيته صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه ، قال ابن الهمام : ولا معارضة ، فإن محاذاة الشحمتين بالإبهامين تسوغ حكاية محاذاة اليدين المنكبين والأذنين ، لأن طرف الكف مع الرسغ ، يحاذي المنكب ، أو يقاربه ، والكف نفسه يحاذي الأذن واليد ، يقال علا بالإبهامين الكف ، أي أعلاها ، فالذي نص على محاذاة الإبهامين بالشحمتين ، وفق في التحقيق بين الروايتين ، فوجب اعتبارها .
ثم رأيتها رواية أبي داود عن وائل ، صريحة فيه ، حيث قال : " إنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة ، فرفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه ، وحاذى بإبهاميه أذنيه " ، انتهى .
والأظهر ، أنه كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه من غير تقييد إلى هيئة خاصة ، فأحيانا كان يرفع إلى منكبيه ، وأحيانا إلى شحمة أذنيه ، وأحيانا إلى محاذى رأسه ، وبهذا جعلها مالك أقوالا ، واختار ، ما اختاره مالك ، علماؤنا ، وكأنهم نظروا إلى أكثر ما ورد ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وأجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ، وأما فيما سواها ، فقال الشافعي وأحمد :
يستحب أيضا رفعهما عند الركوع ، وعند الرفع منه .
وبه ( عن عاصم ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ) أي وائل بن حجر ( قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند التكبير ) أي كما تقدم ( ويسلم عن يمينه ويساره ) أي في آخر صلاته ، إشارة إلى ما ورد أن التكبير للصلاة تحريمها ، والسلام تحليلها .