وفي رواية : ما أهمه ) أي في أمر دينه ودنياه ، لما ورد : من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله ما أهمه من هم الدين والدنيا ورزقه من حيث لا يحتسب لقوله تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) وقد ورد : إني إله ، فإني أرزق عبد المؤمن من حيث لا يحتسب ، رواه الديلمي في مسند الفردوس ، والبيهقي عن علي رضي الله عنه .
قال الكردري : وذكر في كتاب المناقب له بعض كتب الفقه أنه لقي عبد الله بن الحارث بن جزء ، وهو مات بمصر ، سنة خمس أو ست ، أو سبع ، أو ثمان وثمانين ، فسنه إذن من خمس إلى ثمان ، يوم موته على هذا ، ألا يقتسم كلام أخطب الخطباء ، بإسناده عن أبي بن سماعة ، عن أبي يوسف رحمه الله ، أن الإماملقيه حتى حين حجه مع أبيه ، وسمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تفقه " الحديث ، لأن حجة الإمام مع والده ، كانت سنة ست وتسعين فلا يتحقق الملاقاة .
وذكر برهان الإسلام حسن بن علي الحسين الغزنوي ، أنه مات سنة تسع وتسعين ، فيمكن الرواية .
والأقرب ما ذكره أبو منصور البغدادي بإسناده عن بلال بن أبي العلاء عنه أنه قال : حملني أبي على عاتقته وذهب إلى عبد الله بن الحارث ، فقال له : ما تريد ؟ قال : أريد أن تحدث إلي ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إغاثة الملهوف فرض على كل مسلم ، من تفقه في دين الله ، الحديث ، الصبي الذي على العاتق في العادة إذا كان ابن خمس له وقريبا منه ، فيصح من الزمان .
وأما من حيث المكان ، فلو كان وفاته في آخر التسعين ، يصح مكانا ، لكن الحمل على العاتق مشكل مخالف العادة إلا إذا فرض الملاقاة في غير الحرم ، فيصح ، وإذا كان وفاته في الثمانين ، أقول : ولا يبعد أن أباه حمله على عاتقه للازدحام في المسجد الحرام ، لا سيما في حلقة صحابي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أراد أنه يراه ويسمع عنه الكلام .
والله أعلم بحقيقة المرام ، ومثل هذا الحديث رواه الحسن ، عن عمران بن الحصين مرفوعا :
" من انقطع إلى الله تعالى كفاه الله كل مؤنته ، ورزقه من حيث لا يحتسب " .