ثم لكل مقام بدء ونهاية وبينهما أحوال متفاوتة ولكل مقام علم وإلى كل حال إشارة ومع كل مقام إثبات ونفى وليس كل ما نفى فى مقام كان منفيا فيما قبله ولا كل ما أثبت فيه كان مثبتا فيما دونه وهو كما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا إيمان لمن لا أمانة له فنفى إيمان الأمانة لا ايمان العقد والمخاطبون أدركوا ذلك إذ كانوا قد حلوا مقام الأمانة أو جاوزوه إلى ما فوقه وكان عليه السلام مشرفا على أحوالهم فصرح لهم فأما من لم يشرف على أحوال السامعين وعبر عن مقام فنفى فيه وأثبت جاز أن يكون فى السامعين من لم يحل ذلك المقام وكان الذى نفاه القائل مثبتا فى مقام السامع فيسبق إلى وهم السامع أنه نفى ما أثبته العلم فخطأ قائله أو بدعه وربما كفره فلما كان الأمر كذلك اصطلحت هذه الطائفة على ألفاظ فى علومها تعارفوها بينهم ورمزوا بها فأدركه صاحبه وخفى على السامع الذى لم يحل مقامه فأما أن يحسن ظنه بالقائل فيقبله ويرجع إلى نفسه فيحكم عليها بقصور فهمه عنه أو يسوء ظنه به فيهوس قائله وينبه إلى الهذيان وهذا أسلم له من رد حق وإنكاره قال بعض المتكلمين لأبي العباس بن عطاء ما بالكم أيها المتصوفة قد اشتققتم ألفاظا أغربتم بها على السامعين وخرجتم عن اللسان المعتاد هل هذا إلا طلب للتمويه أو ستر لعوار المذهب فقال أبو العباس ما فعلنا ذلك إلا لغيرتنا عليه لعزته علينا كيلا يشربها غير طائفتنا ثم اندفع يقول
وأنشدونا أيضا له
سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفارسي يقول أركان التصوف عشرة أولها تجريد التوحيد ثم فهم السماع وحسن العشرة وإيثار الإيثار وترك الاختيار وسرعة الوجد والكشف عن الخواطر وكثرة الأسفار وترك الاكتساب وتحريم الادخار معنى تجريد التوحيد أن لا يشوبه خاطر تشبيه أو تعطيل وفهم السماع أن يسمع