عندهم واجبة لمن ربط به غيره ممن يلزمه فرضه وسبيل المكاسب عند الجنيد على ما سبق من الشرط سبيل الأعمال المقربة إلى الله عز وجل ويشتغل العبد بها على حسب ما يشتغل في إتيان ما ندب إليه من النوافل لا على ان بها تجلب الأرزاق وتجر المنافع وهي عند غيره مباح للفرد ليس بواجب عليه من غير أن يقدح في توكله أو يجرح دينه والاشتغال بوظائف الحق أولى واحق والإعرض عنه عند صحة التوكل والثقة بالله أوجب وقال سهل لا يصح الكسب لأهل التوكل إلا لاتباع السنة ولا لغيرهم إلا للتعاون هذا ما تحققناه وصح عندنا من مذاهب القوم من أقاويلهم في كتبهم ممن ذكرنا أساميهم ابتداء وما سمعناه من الثقات ممن عرف أصولهم وتحقق مذاهبهم والذي فهمناه من رزموزهم وإشاراتهم في ضمن كلامهم قال وليس كل ذلك مسطورا لهم على حسب ما حكيناه وأكثر ما ذكرنا من العلل والاحتجاج فمن كلامنا عبارة عما حصلناه من كتبهم ورسائلهم ومن تدبر كلامهم وتفحص كتبهم علم صحة ما حكيناه ولولا أنا كرهنا الإطالة والإكثار لكنا نذكر مكان ما حكيناه من كلامهم من كتبهم نصا ودلالة إذ ليس كل ذلك مرسوما في الكتب على التصريح ونذكر الآن بعض ما تخصصوا به من أقاؤيلهم وما استعملوه من ألفاظهم مما تفردوا به والعلوم التي عنوا بها وما يدور كلامهم عليه ونشرح بعض ما يمكن شرحه وبالله نستعين ولا حول وقوة إلا بالله العلى العظيم الباب الحادي والثلاثون علوم الصوفية علوم الأحوال أقول وبالله التوفيق اعلم أن علوم الصوفية علوم الأحوال والأحوال مواريث الأعمال ولا يرث الأحوال إلا من صحح الأعمال وأول تصحيح الأعمال معرفة علومها وهى علم الأحكام الشرعية من أصول الفقه وفروعه من الصلاة والصوم وسائر الفرائض إلى علم المعاملات من النكاح والطلاق والمبايعات وسائر ما أوجب الله تعالى وندب إليه وما لاغناء به عنه من أمور المعاش وهذه علوم التعلم والاكتساب فأول ما يلزم العبد الاجتهاد فى طلب هذا العلم وإحكامه على قدر ما أمكنه ووسعه طبعه وقوى عليه فهمه بعد إحكام علم التوحيد والمعرفة على طريق الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح عليه القدر الذي يتيقن بصحة ما عليه أهل السنة والجماعة فإن وفق لما فوقه من نفى الشبه التى تعترضه من خاطر أو ناظر فذاك وإن أعرض عن خواطر السوء اعتصاما بالجملة التي عرفها وتجافى عن المناظر الذي يحاجه فيه ويجادله عليه وباعده فهو في سعة إن شاء الله عز وجل واشتغل باستعمال علمه وعمل بما علم فأول ما يلزمه علم آفات النفس ومعرفتها ورياضتها وتهذيب أخلاقها ومكائد العدو وفتنة الدنيا وسبيل الاحتراز منها وهذا العلم علم الحكمة فإذا استقامت النفس على الواجب وصلحت طباعها وتأدبت بآداب الله عز وجل من زم جوارحها وحفظ أطرافها وجمع حواسها سهل عليه إصلاح أخلاقها وتطهير الظاهر منها والفراغ مما لها وعزوفها عن الدنيا وإعراضها عنها فعند ذلك يمكن العبد مراقبة الخواطر وتطهير السرائر وهذا هو علم المعرفة ثم وراء هذا علوم الخواطر وعلوم المشاهدات المكاشفات وهى التى تختص بعلم الإشارة وهو العلم الذى تفردت به الصوفية بعد جمعها سائر العلوم التى وصفناها وإنما قيل علم الإشارة لأن مشاهدات القلوب ومكاشفات الأسرار لا يمكن العبارة عنها على التحقيق بل تعلم بالمنازلات والمواحيد ولا يعرفها إلا من نازل تلك الأحوال وحل تلك المقامات روى سعيد بن المسيب عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل المعرفة بالله فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله وعن عبد الواحد بن زيد قال سألت الحسن عن علم الباطن فقال سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن فقال سألت رسول الله عن علم الباطن فقال سألت جبريل عن علم الباطن فقال سألت الله عز وجل عن علم الباطن فقال هو سر من سرى أجعله فى قلب عبدى لا يقف عليه أحد من خلقى قال أبو الحسن بن أبى ذر فى كتابه منهاج الدين أنشدونا للشبلى