أجمعوا على أن لله صفات على الحقيقة هو بها موصوف من العلم والقدرة والقوة والعز والحلم والحكمة والكبرياء والجبروت والقدم والحياة والإرادة والمشيئة والكلام وأنها ليست بأجسام ولا أعراض ولا جواهر كما أن ذاته ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وأن له سمعا وبصرا ووجها ويدا على الحقيقة ليس كالأسماع والأبصار والأيدي والوجوه وأجمعوا أنها صفات لله وليس بجوارح ولا أعضاء ولا أجزاء وأجمعوا أنها ليست هي هو ولا غيره وليس معنى إثباتها أنه محتاج إليها وانه يفعل الأشياء بها ولكن معناها نفى أضدادها وإثباتها في أنفسها وأنها قائمات به ليس معنى العلم نفى الجهل فقط ولا معنى القدرة بنفي العجز ولكن إثبات العلم والقدرة ولو كان بنفي الجهل عالما وبنفي العجز قادرا لكان المراد نفي الجهل والعجز عنه عالما وقادرا وكذلك جميع الصفات وليس وصفنا له بهذه الصفات صفة له بل وصفنا صفتنا وحكاية عن صفة قائمة به ومن جعل صفة الله وصفة له من غير ان يثبت لله صفة على الحقيقة فهو كاذب عليه في الحقيقة وذاكر له بغير وصفه وليس هذا كالذكر فيكون مذكورا بذكر في غيره لأن الذكر صفة الذاكر وليس بصفة للمذكور والمذكور مذكور بذكر الذاكر والموصوف ليس بموصوف بوصف الواصف ولو كان وصف الواصف صفة له لكانت أوصاف المشركين والكفر صفات له كنحو الزوجة والولد والأنداد وقد نزه الله تعالى نفسه عن وصفهم له فقال سبحانه وتعالى عما يصفون فهو جل وعز موصوف بصفة قائمة به ليست ببائنة عنه كما قال تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه وقال أنزله بعلمه وقال وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وقال ذو القوة المتين ذو الفضل العظيم فلله العزة جميعا ذي الجلال والإكرام وأجمعوا أنها لا تتغاير ولا تتماثل وليس علمه قدرته ولا غير قدرته وكذلك جميع صفاته من السمع والبصر والوجه واليد ليس سمعه بصره ولا غير بصره كما أنه ليس هي هو ولا غيره واختلفوا في الإتيان والمجئ والنزول فقال الجمهور منهم إنها صفات له كما يليق به ولا يعبر عنها بأكثر من التلاوة والرواية ويجب الإيمان بها ولا يجب البحث عنها وقال محمد بن موسى الواسطي كما أن ذاته غير معلولة كذلك صفاته غير معلولة وإظهار الصمدية إياس عن المطالعة على شئ من حقائق الصفات أو لطائف الذات وأولها بعضهم فقال معنى الإتيان منه إيصاله ما يريد إليه ونزوله إلى الشئ إقباله عليه وقربه كرامته وبعده إهانته وعلى هذا جميع هذه الصفات المتشابهة الباب السابع اختلافهم في أنه لم يزن خالقا واختلفوا في أنه لم يزل خالقا فقال الجمهور منهم والأكثرون من القدماء منهم والكبار إنه لا يجوز أن يحدث لله تعالى صفة لم يستحقها فيما لم يزل وإنه لم يستحق اسم الخالق لخلقه الخلق ولا لإحداث البرايا استحق اسم البارئ ولا بتصوير الصور استحق اسم المصور ولو كان كذلك لكان ناقصا فيما لم يزل وتم بالخلق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وقالوا إن لله تعالى لم يزل خالقا بارئا مصورا غفورا رحيما شكورا وكذلك جميع صفاته التي وصف بها نفسه يوصف بها كلها في الأزل كما يوصف بالعلم والقدرة والعز والكبرياء والقوة كذلك يوصف بالتكوين والتصوير والتخليق والإرادة والكرم والغفران والشكر ولا يفرقون بين صفة هي فعل وبين صفة لا يقال