قال بعض الشيوخ المعرفة معرفاتان معرفة حق ومعرفة حقيقة فمعرفة الحق إثبات وحدانية الله تعالى على ما أبرز من الصفات والحقيقة على أن لا سبيل إليها لامتناع الصمدية وتحقق الربوبية عن الإحاطة قال الله تعالى ولا يحيطون به علما لأن الصمد هو الذي لا تدرك حقائق نعوته وصفاته وقال بعض الكبراء المعرفة إحضار السر بصنوف الفكر في مراعاة مواجيد الأذكار على حسب توالي أعلام الكشوف ومعناه أن يشاهد السر من عظمة الله وتعظيم حقه وإجلال قدرة ما تعجز عنه العبارة سئل الجنيد عن المعرفة فقال هي تردد السر بين تعظيم الحق من الإحاطة وإجلاله عن الدرك وقد سئل عن العرفة فقال أن تعلم أن ما تصور في قلبك فالحق بخلافه فيا لها حيرة لا له حظ من أحد ولا لأحد منه حظ وإنما وجود يتردد في العدم لاتتهيأ العبارة عنه لأن المخلوق مسبوق والمسبوق غير محيط بالسابق معنى هو وجود يتردد في العدم يعني صاحب الحال يقول هو موجود عيانا وشخصا وكأنه معدوم صفة ونعتا وعن الجنيد أيضا قال المعرفة هي شهود الخاطر بعواقب المصير وأن لا يتصرف العارف بسرف ولا تقصير ومعناه أن لا يشهد حاله وأن يشهد سابق علم الحق فيه وأن مصيره إلى ما سبق له منه ويكون مصرفا في الخدمة والتقصير وقال بعضهم المعرفة إذا وردت على السر ضاق السر عن حملها كالشمس يمنع شعاعها عن إدراك نهايتها وجوهرها قال ابن الفرغاني من عرف الرسم تجبر ومن عرف الوسم تحير ومن عرف السبق تعطل ومن عرف الحق تمكن ومن عرف المتولى تذلل معناه من شاهد نفسه قائما بوظائف الحق أعجب ومن شاهد ما سبق له من الله تحير لأنه لا يدري ما علم الحق فيه وبماذا جرى القلم به ومن عرف أن ما سبق له من القسمة لا يتقدم ولا يتأخر تعطل عن الطلب ومن عرف الله بالقدرة عليه والكفاية له تمكن فلا يضطرب عند المخوفات ولا عند الحاجات ومن عرف ان الله متولى أموره تدلل له في أحكامه وأقضيته وقال بعض الكبار إذا عرفه الحق إياه أوقف المعرفة حيث لا يشهد محبة ولا خوفا ولا