وأقروا أن أطفال المؤمنين مع آبائهم في الجنة واختلفوا في أطفال المشركين فمنهم من قال لا يعذب الله بالنار إلا بعد لزوم الحجة على من عاند وكفر ووجبت عليه الأحكام وأرجأ الأكثرون أمرهم إلى الله تعالى وجوزوا تعذيبهم وتنعيمهم وأجمعوا على أن المسح على الخفين حق وجوزوا أن يرزق الله الحرام وأنكروا الجدال والمراء في الدين والخصومة في القدر والتنازع فيه ورأوا التشاغل بما لهم وعليهم أولى من الخصومات في الدين ورأوا طلب العلم أفضل الأعمال وهو علم الوقت بما يجب عليهم ظاهرا وباطنا وهم أشفق الناس على خلق الله من فصيح وأعجم وأبذل الناس بما في أيديهم وأزهدهم عما في أيدي الناس واشدهم إعراضا عن الدنيا وأكثرهم طلبا للسنة والآثار وأحرصهم على اتباعها
الباب العشرون فيما كلف الله البالغين
أجمعوا أن جميع ما فرض الله تعالى على العباد في كتابه وأوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض واجب وحتم لازم على العقلاء البالغين لا يجوز التخلف عنه ولا يسع التفريط فيه بوجه من الوجوه لأحد من الناس من صديق وولي وعارف وإن بلغ أعلى المراتب وأعلى الدرجات وأشرف المقامات وأرفع المنازل وأنه لا مقام للعبد تسقط معه آداب الشريعة من إباحة ما حظر الله أو تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو سقوط فرض من غير عذر ولا علة والعذر والعلة ما أجمع عليه المسلمون وجاءت به أحكام الشريعة ومن كان أصفى سرا وأعلى رتبة وأشرف مقاما فإنه اشد اجتهادا وأخلص عملا وأكثر توقيا وأجمعوا أن الأفعال ليست بسبب للسعادة والشقاوة وأن السعادة والشقاوة سابقتان بمشيئة الله تعالى لهم ذلك وكتابه عليهم كما جاء في الحديث قال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا وكذلك قال في أهل النار وقال عليه السلام السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه وأجمعوا أنها ليست بموجبة للثواب والعقاب من حيث الاستحقاق بل من جهة الفضل ومن جهة إيجاب الله تعالى ذلك وأجمعوا أن نعيم الجنة لمن سبق له من الله السعادة من غير علة وأن عذاب النار لمن سبق له من الله الشقاوة من غير علة كما قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي وقال ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس وقال إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون وقالوا إنها أعنى أفعال العباد علامات وأمارات على ما سبق لهم من الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له وقال الجنيد الطاعة عاجل بشراه على ما سبق لهم من الله تعالى وكذلك المعصية وقال غيره العبادات حلية الظواهر والحق لا يبيح تعطيل الجوارح من حلاها وقال محمد بن على الكتاني الأعمال كسوة العبودية فمن ابعده الله عند القسمة نزعها من قربه أشفق عليها ولزمها وهم مع ذلك مجمعون على أن الله تعالى يثيب