حقيقة الذكر أن تنسى ما سوى المذكور فى الذكر لقوله تعالى واذكر ربك إذا نسيت يعنى إذا نسيت ما دون الله فقد ذكرت الله وقال النبى صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قيل ومن المفردون يا رسول الله فقال الذاكرون كثيرا والذاكرات والمفرد الذى ليس معه غيره وقال بعض الكبار الذكر طرد الغفلة فإذا ارتفعت الغفلة فأنت ذاكر وإن سكت وأنشدونا للجنيد
سمعت أبا القاسم البغدادى يقول سألت بعض الكبار فقلت ما بال نفوس العارفين تتبرم بالأذكار وتستروح إلى الأفكار وليس يفضي الفكر إلى مقر ولأذكارها أعواض تسر فقال استصغرت ثمرات الأذكار فلم تحملها عن مكابداتها وبهرها شرف ما وزاء الأفكار فغيبها عن ألم مجاهداتها معنى قوله استصغرت ثمرات الأذكار لأنها كلها حظوظ النفس والعارفون قد أعرضوا عن النفوس وحظوظها وأما أفكارهم فإنها تكون في جلال الله وهيبته ومنته وإحسانه فهي تفكر فيما لله تعالى عليها إجلالا له وتعرض عما لها عند الله حرمة له في قوله عليه السلام خبرا عن الله عز وجل من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين معناه من شغله مشاهدة عظمتي عن ذكر لسانه لأن ذكر اللسان كله مسئلة وأخرى أن مشاهدة العظمة تحيره فتقطعه عن الذكر له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا أحصي ثناء عليك أنشدونا للنوري
قال الجنيد من قال الله عن غير مشاهدة فهو مفترى يدل على صحة قوله قول الله تعالى قالوا نشهد إنك لرسول الله ثم قال والله يشهد إن المنافقين لكاذبون أكذبهم الله وإن كانت الكلمة صدقا لانها لم تكن عن مساهدة وقال غيره القلب للمشاهدة واللسان للعبارة عن المشاهدة فمن عبر عن غير مساهدة فهو شاهد
أذا توشحه من خاطري فكري معناه الذكر صفة الذاكر فإن غبت في ذكرى كانت غيبتي في وإنما يحجب العبد عن مشاهدة مولاه أوصافه قال سرى السقطي صحبت زنجبيا في البرية فرأيته كلما ذكر الله تغير لونه وابيض فقلت يا هذا أرى عجبا إنك كلما ذكرت الله حالت لبستك وتغيرت صفتك فقال يا أخي أما أنك لو ذكرت الله حق ذكره لحالت لبستك وتغيرت صفتك ثم أنشأ يقول