صبح الاعشی فی صناعة الانشا

احمد بن علی قلقشندی

نسخه متنی -صفحه : 2637/ 741
نمايش فراداده

الأمراء للملوك وربما استخدم المماليك الترك ومن في معناهم
وأكثر متحصلة مما يؤخذ من التجار الواردين إلى مكة من الهند واليمن وغيرهما وأما تجهيز ركب الحجيج
إليها ففي كل سنة يجهز إليها المحمل من الديار المصرية بكسوة البيت مع أمير الركب ويكسى البيت
بالكسوة المجهزة مع المحمل ويأخذ سدنة البيت الكسوة التي كانت على البيت فيهادون بها الملوك وأشراف
الناس وداخل البيت كسوة أخرى من حرير منقوش لا تحتاج إلى التغيير إلا في السنين المتطاولة لعدم وصول
الشمس ولمس الأيدي إليها
ومن عادة أمير مكة أنه إذا وصل المحمل إلى ظاهر مكة خرج لملاقاته فإذا وافاه ترجل عن فرسه وأتى الجمل
الحامل للمحمل فقلب خف يده اليمنى وقبله خدمة لصاحب مصر وقد روى ابن النجار في تاريخ المدينة
النبوية من طريق
--------------------
282
الحافظ أبي نعيم إلى حسين بن مصعب أنه أدرك كسوة الكعبة يؤتى بها المدينة قبل أن تصل إلى مكة فتنشر
على الرضراض في مؤخر المسجد ثم يخرج بها إلى مكة وذلك في سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين ومائة
واعلم أن كسوة الكعبة لها حالان الحالة الأولى ما كان الأمر عليه في الجاهلية وقد روى الأزرقي في
أخبار مكة بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي نهى عن سب أسعد الحميري وهو تبع وكان أول من كسا
الكعبة وذكر ابن إسحاق عن غير واحد من أهل العلم أن أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع وهو أسعد أري في
منامه ان يكسوها فكساها الأنطاع ثم أري أن اكسها فكساها الوصائل ثياب حبرة من عصب اليمن وعن ابن
جريح نحوه
وعن ابن أبي مليكة أنه قال بلغني أن الكعبة كانت تكسى في الجاهلية كسى شتى كانت البدن تجلل الحبر
والبرود والأكسية وغير ذلك من عصب اليمن وكان يهدى للكعبة هدايا من كسى شتى سوى جلال البدن حبر وخز
وأنماط فتكسى منه الكعبة ويجعل ما بقي في خزانة الكعبة فإذا بلي منها شيء أخلف عليها مكانه ثوب آخر
ولا ينزع مما عليها شيء
وعن عبد الجبار بن الورد قال سمعت ابن أبي مليكة يقول كانت قريش في الجاهلية ترافد في كسوة الكعبة
فيضربون ذلك على القبائل بقدر احتمالها من عهد قصي بن كلاب حتى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله
بن عمرو بن مخزوم وكان يختلف إلى اليمن يتجر فيها فأثرى في المال فقال
--------------------
283
لقريش أنا أكسو الكعبة وحدي سنة وجميع قريش سنة فكان يفعل ذلك حتى مات يأتي بالحبر الجندية من الجند
فيكسو الكعبة فسمته قريش العدل لأنه عدل فعله بفعل قريش
وروى الواقدي عن النوار بنت مالك ام زيد بن ثابت رضي الله عنه أنها قالت رأيت قبل أن ألد زيد بن ثابت
على الكعبة مطارف خز أخضر وأصفر وكرار وأكسية الأعراب وشقاق شعر
وعن ابن جريج أن الكعبة فيما مضى إنما كانت تكسى يوم عاشوراء إذا ذهب آخر الحاج حتى كان بنو هاشم
فكانوا يعلقون القميص يوم التروية من الديباج لأن يرى الناس ذلك عليها بهاء وجمالاً فإذا كان يوم
عاشوراء علقوا عليها الإزار
وعن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم قال نذرت أمي بدنة تنحرها عند البيت وجللتها شقتين من شعر ووبر
فنحرت البدنة وسيرت للكعبة بالشقتين والنبي يومئذ بمكة لم يهاجر فنظرت إلى البيت يومئذ وعليه كسى
شتى من وصائل وأنطاع وكرار وخز ونمارق عراقية كل هذا قد رأيته عليه
قلت حاصل الأمر أن الذي كسيته الكعبة الأنطاع وحبرات اليمن والبرود والكرار والأنماط والنمارق
ومطارف الخز الأخضر والأصفر والأكسية وشقاق الشعر والوبر وغير ذلك
--------------------
284
الحال الثانية ما كان الأمر عليه في صدر الإسلام وهلم جرا إلى زماننا