صبح الاعشی فی صناعة الانشا

احمد بن علی قلقشندی

نسخه متنی -صفحه : 2637/ 742
نمايش فراداده

أما في صدر الإسلام فقد روى الواقدي عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن أبيه أن البيت كان في الجاهلية يكسى
الأنطاع فكساه النبي الثياب اليمانية ثم كساه عمر وعثمان رضي الله عنهما القباطي وعن ابن أبي نجيح
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كسا الكعبة القباطي من بيت المال كان يكتب فيها إلى مصر ثم عثمان من
بعده فلما كان معاوية بن أبي سفيان كساها كسوتين كسوة عمر القباطي وكسوة ديباج وكانت تكسى الديباج
يوم عاشوراء وتكسى القباطي في آخر شهر رمضان
وروى الأزرقي عن نافع قال كان ابن عمر يكسو بدنه إذا أراد أن يحرم القباطي والحب وفي رواية الأنماط
فإذا كان يوم عرفة ألبسها إياها وإذا كان يوم النحر نزعها عنها ثم أرسل بها إلى شيبة بن عثمان الحجبي
فناطها على الكعبة
وروى الواقدي عن إسحاق بن عبد الله أن الناس كانوا ينذرون كسوة الكعبة ويهدون إليها البدن عليها
الحبرات فيبعث بالحبرات إلى البيت كسوة فلما كان يزيد بن معاوية كساها الديباج الخسرواني فلما كان
ابن الزبير اتبعه على ذلك فكان يبعث إلى أخيه مصعب بن الزبير يبعث بالكسوة كل سنة وكانت تكسى يوم
عاشوراء
قال الأزرقي وقد قيل إن ابن الزبير أول من كساه الديباج قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل وهو
الصحيح
وذكر الواقدي عن أشياخه أن عبد الملك بن مروان كان يبعث في كل سنة بالديباج من الشام فيمر به على
المدينة فينشر يوماً في مسجد رسول الله على
--------------------
285
الأساطين هاهنا وهاهنا ثم يطوني ويبعث به إلى مكة وقد قيل إن عبد الملك أول من كسا الكعبة الديباج
قال الماوردي وكساه بنو أمية في بعض أيامهم الحلل التي كانت على أهل نجران في جزيتهم والديباج من
فوقها
قال الأزرقي ولما حج المهدي في سنة ستين ومائتين رفع إليه أن ثياب الكعبة قد أثقلتها ويخاف على
جدرانها من ثقل الكسوة فجردها حتى لم يبق عليها شيء من الكسوة ثم أفرغ عليها ثلاث كسى قباطي وخز
وديباج ولما غلب حسين بن حسن الطالبي على مكة في سنة مائتين وجد ثيابها قد ثقلت عليها أيضاً فجردها
في أول يوم من المحرم وكساها كسوتين من قز رقيق إحداهما صفراء والأخرى بيضاء مكتوب بينهما بسم الله
الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار أمر أبو السرايا الأصغر بن الأصغر
راعية آل محمد صلوات الله عليه وسلامه بعمل هذه الكسوة لبيت الله الحرام
وذكر الأزرقي عن جده أن الكعبة كانت تكسي في كل سنة كسوة ديباج يعني أحمر وكسوة قباطي فأما الديباج
فتكساه يوم التروية فيعلق القميص ويدلى ولا يخاط وإذا صدر الناس من منى خيط القميص وترك الإزار حتى
يذهب الحاج لئلا يخرقوه فإذا كان يوم عاشوراء علق عليها الإزار يوصل بالقميص وكأن المراد بالإزار
ما تدركه الأيدي في الطواف وبالقميص ما فوق ذلك إلى أعلى الكعبة فلا تزال هذه الكسوة الديباج علهيا
حتى يوم سبع وعشرين من شهر رمضان فتكسى القباطي القطن
فلما كانت خلافة المأمون رفع إليه أن الديباج يبلى ويتخرق قبل أن يبلغ الفطر فسأل المأمون صاحب بريد
مكة في أي السكوة الكعبة أحسن فقال له
--------------------
286
في البياض فامر بكسوة من ديباج أبيض عملت سنة ست ومائتين وبعث بها إلى الكعبة فصارت الكعبة تكسى
ثلاث كسى تكسى الديباج الأحمر يوم التروية وتكسى القباطي يوم هلال رجب وتكسى الديباج الأبيض يوم
سبع وعشرين من شهر رمضان للفطر .
ثم رفع إلى المأمون أيضاً أن إزار الديباج الأبيض يتخرق ويبلى في أيام الحج من مس الحاج قبل أن يخاط
عليها إزار الديباج الأحمر في عاشوراء فزادها إزار ديباج أبيض تكساه يوم التروية فيستر به ما تخرق
من الإزار الذي كسيته .