سنة مائتين .
قلت والذي استقر عليه الحال في زماننا أنها لا تلبس في كل سنة غير كسوة واحدة على ما تقدم بيانه وذلك
أن الكسوة تعمل بمصر على النمط المتقدم ثم تحمل صحبة الركب إلى مكة فيقطع ذيل الكسوة القديمة على
قدر قامة من جدار الكعبة ويظهر من الجدار ما كان تحته ويبقى أعلاها معلقاً حتى يكون يوم فتخلع
الكسوة العتيقة وتعلق الجديدة مكانها ويكسى المقام من نسبة كسوة الكعبة ويأخذ بنو شيبة الحجبة
الكسوة العتيقة فيهدونها للحجاج ولأهل الآفاق وقد زاد رفدهم فيها من حين حصلت المغالاة في كسوة
الكعبة وبرقعها على ما تقدم اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابة .
واعلم أن جدار الكعبة كان عزيز الرؤية حين كانت الكسوة تتراكم عليها ولا
--------------------
289
يجرد عنها شيء حتى إن الأزرقي حكى عن جده أنه تبجح برؤية جدارها حين جردت في سنة ثلاث وستين ومائتين
وأنه رأى جدار الباب المسدود الذي كان عمله ابن الزبير في ظهرها وسده الحجاج وشبه لون جدارها
بالعنبر الأشهب . الجملة الثانية فيما هو خارج عن حاضرتها
أكثر من هو بباديتها وأوديتها القريبة منها بنو الحسن الأشراف وقد ذكر في التعريف من عرب الحجاز لأم
وخالد والمنتفق والعايد وزاد في مسالك الأبصار ذكر زبيد وبنو عمرو والمضارجة والمساعيد والزراق
وآل عيسى وآل دغم وآل جناح والجبور ثم قال وديارهم يتلو بعضها بعضاً قال الحمداني وشرقي مكة خليجة
وبنو هزر ومنازلهم بيشة .
ومنهم من خثعم بنو منبه وبنو فضيلة ومعاوية وآل مهدي وبنو نضر وبنو حاتم والموركة وآل زياد وآل
الصعافير والشما وبلوس ثم قال ومنازلهم غير متباعدة .
أما العربان بالدرب المصري إلى مكة فمن بركة الحجاج إلى عقبة أيلة للعائد من عرب الشرقية ومن العقبة
إلى الدأماء دون عيون القصب لبني عقبة ومن الدأماء إلى أكدى لبلي ومن أكدى إلى آخر الوعرات لجهينة
ومن آخر الوعرات إلى نهاية بدر وإلى نهاية الصفراء ونقب علي لبني حسن أصحاب الينبع ويليهم من
أقاربهم من بني حسن أصحاب بدر إلى رملة عالج في طرف
--------------------
290
قاع البزوة ومن الصفراء إلى الجحفة ورابغ لزبيد ومن الجحفة على قديد وما حولها إلى الثنية المعروفة
بعقبة السويق لسليم ومن الثنية على خليص إلى الثنية المشرفة على عسفان إلى الفج المسمى بالمحاطب
لبني جابر وهم في طاعة صاحب مكة ومن المحاطب إلى مكة المعظمة لصاحب مكة وبني الحسن . القاعدة الثانية
المدينة الشريفة النبوية على ساكنها أشرف الخلق محمد أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام وفيها
ثلاث جمل الجملة الأولى في حاضرتها
المدينة ضبطها معروف وهو اسم غلب عليها وبه نطق القرآن الكريم في قوله تعالى ( يقولون لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) وقوله ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة ) واسمها
القديم يثرب وبه نطق القرآن في قوله تعالى ( يا أهل يثرب لا مقام لكم ) .
قال الزجاجي وهو يثرب بن قانية بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام بن نوح هو الذي بناها
وورد ذكره في الحديث أيضاً قال الشيخ عماد الدين بن كثير في تفسيره وحديث النهي عن تسميتها بذلك
ضعيف وسماها الله تعالى الدار بقوله ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ) وسماها النبي طيبة
بفتح الطاء المهملة وسكون الياء وفتح الباء
--------------------
291
الموحدة بعدها هاء وطابة بإبدال الياء بعد الطاء بألف قال النووي وهما من الطيب وهو الرائحة الحسنة
وقيل من الطيب خلاف الرديء وقيل من الطيب بمعنى الطاهر وقيل من طيب العيش وزاد السهيلي في أسمائها
الجابرة بالجيم والباء الموحدة والمحبة والمحبوبة والقاصمة والمجبورة والعذراء والمرحومة وكانت