ورد تقديران مختلفان أحدهما أكثر من الآخر ، و قد جمعوا بينهما بحمل الاقل على الوجوب و حمل الاكثر على الاستحباب ، فإذا بنينا على انفعال ماء البئر بالملاقاة ، و على عدم طهارة الدلو و غيره من الآلات بالتبع و نزحنا المقدار الواجب كثلاثين دلوا مثلا فبمجرد ملاقاة الدلو للماء يتنجس ماء البئر ثانيا فيجب تطهيرها بنزح مقدرها و معه لا يبقى مجال للعمل بالاستحباب بنزح الزائد عن المقدار الواجب كأربعين دلوا و نحوها ! و ما افاده ( قده ) في غاية المتانة .
فما ذهب اليه الاصحاب من طهارة الآلات و أخواتها بالتبع هو المتعين ( الثاني ) : إذا تغير ماء البئر فلا اشكال في كفاية إخراج الجميع أو المقدار الذي يزول به التغير و لو بغير النزح المتعارف من الاسباب كما إذا نزحنا مائها بالمكائن الجديدة أو غار مائها ثم ترشح منها ماء جديد لا تغير فيه أو الغينا فيها دواء أوجب فيها التبخير فنفذ مائها بذلك إلى ذلك من الاسباب و الوجه في كفاية مطلق الاخراج ، و عدم لزوم النزح شيئا فشيئا هو ان المستفاد من صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع ان البئر إذا تغير لا بد من إعدام مائها الى ان يطيب طعمه و يزول عنه الريح ، و هذا هو المحصل للغرض سواء ا كان بسبب النزح ام بالدواء أو بغير هما من الاسباب ، و كذا الحال في ما وجب نزح الجميع ، و ذلك للعلم بان الغرض منه عدم بقاء شيء من الماء النجس في البئر بلا فرق في ذلك من الاسباب .
و أما إذا وقع فيها ما يوجب نزح أربعين أو خمسين أو غيرهما من المقدرات نزح الجميع فهل يكفي في تطهيرها نزح المقدر مرة واحدة بمثل دلو كبير يسع الاربعين أو غيره من المقدرات أو بالمكائن الجديدة و نحوها أو لابد فيه من نزح المقدر دلوا فدلوا إلى أن ينتهي و يتم ؟