و إنما الكلام فيما إذا أراد التوضوء و الاغتسال و التصرف في ماء الانآء باستعماله في أحدهما فهل يصحان وضعا بعد ما كانا محرمين تكليفا أو أنهما باطلان ؟ قد يقال بصحة الوضوء و الغسل حينئذ نظرا إلى أنهما و إن لم يكونا مأمورا بهما بالفعل لحرمة ما يتوقفان عليه إلا أن الملاك موجود فيهما و هو كاف في الحكم بصحة العمل و في التمكن من قصد التقرب به .
و يرد عليه ما قدمناه في بحث الترتب من أن الطريق لاستكشاف الملاك منحصر بالامر و التكليف و مع أرتفاعهما لعدم التمكن من الامتثال يحتاج دعوى الاستكشاف إلى عالم الغيب .
و ( دعوى ) : أن الامر بهما ظاهره وجود الملاك ( مدفوعة ) : بأن سعة المنكشف تتبع سعة الكاشف و هو الامر و هو إنما يكشف عن الملاك ما دام موجودا و لم يرتفع .
و أما بعد ارتفاعه فلا كاشف و لا منكشف .
هذا ما قدمناه هناك .
و نزيده في المقام أن المكلف مع العجز عن الماء مأمور بالتيمم كما عرفت و ظاهر الامر و إطلاقه التعيين ، و تعين التيمم حينئذ يدل على عدم الملاك في الوضوء أو الغسل .
و هذا هو الذي ذكره شيخنا الاستاذ ( قده ) و إن قرره بتقريب آخر و حاصله أن الامر بالوضوء مقيد في الآية المباركة بالتمكن من استعمال الماء فإذا أرتفع التمكن أرتفع الامر و الملاك و بعبارة أخرى أن الآية قسمت المكلفين إلى واجد الماء و فاقده ، لان التفصيل قاطع للشركة و قيد الامر بالوضوء بالوجدان كما قيد الامر بالتيمم بالفقدان فإذا أنتفى القيد و هو وجدان الماء أنتفى المقيد و المشروط و مع ارتفاع الامر يرتفع الملاك لا محالة هذا على أن مجرد الشك في الملاك يكفينا في الحكم بعدم جواز الاكتفاء بالوضوء لاستلزامه الشك في تحقق الامتثال بإتيان المأمور به بدلا عن المأمور به و مع الشك في السقوط لابد من إتيان التيمم لانه مقتضى القاعدة تحصيلا للقطع بالفراغ .
و هذه المسألة لا يقاس بما إذا أمر المولى بشيء على تقدير التمكن منه