و ( ثانيتهما ) : أن الرواية مهجورة لاعراض الاصحاب عن العمل على طبقها كما يستكشف من إطلاق كلماتهم في حرمة النظر إلى عورة الغير .
و يرد على هذه المناقشة .( أولا ) : أن إعراضهم عن الرواية لم يثبت بوجه لانه من المحتمل أن يستندوا في الحكم بحرمة النظر مطلقا إلى ترجيع الادلة المعارضة و تقديمها على رواية الجواز كما ربما يظهر من كلام شيخنا الانصاري ( قده ) فتركهم العمل على طبقها من جهة مخالفه الرواية لاطلاق الآية و الروايات .
و الاعراض عن الرواية إنما يسقطها عن الحجية فيما إذا كشف عن ضعفها دون ما إذا كان مستندا إلى علة أخرى كما في المقام على أن مثل الصدوق و غيره ممن ذهبوا إلى الجواز قد عملوا على طبقها فصغرى الاعراض ثابتة .
و ( ثانيا ) : أن كبرى سقوط الرواية عن الحجية بأعراضهم لا يمكن الالتزام بها بوجه كما قدمناه في محله و على ذلك لا إشكال في الرواية سندا كما لا كلام في دلالتها على الجواز فهي مقيدة للادلة المتقدمة الدالة على حرمة النظر إلى عورة الغير على تقدير كونها مطلقة هذا .
على أنا لو أغمضنا عن رواية الجواز أيضا لا يمكننا الحكم بحرمة النظر إلى عورة الكافر و ذلك لقصور المقتضي في نفسه حيث لا إطلاق فيما دل على حرمة النظر إلى عورة الغير حتى يشمل الكفار لان الاخبار الواردة في ذلك مقيدة بالمؤمن أو المسلم أو الاخ و أما الآية المباركة : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم فهي أيضا لا دلالة لها على المدعى و ذلك : أما ( أولا ) : فلان الظاهر من الآية المباركة أنها ناظرة إلى الجامعة الاسلامية و تكفلت ببيان وظيفة بعضهم بالاضافة إلى بعض آخر فلا إطلاق لها
( 1 ) المتقدمة في ص 351 .