كان في الحقيقة باقيا على جوهريته السابقة على الانتشار إذ الجوهر يمتنع أن يتبدل عرضا ، إلا أنه إذا تشتت و صارت أجزاء صغارا عد بالنظر العرفي عرضا على الماء ، نظير الدسومة السارية من اللحم إلى اليد أو الانآء ، فإنها لدقتها و صغارتها معدودة من عوارض اليد و طوارئ الانآء و إن كانت في الحقيقة جوهرا و قابلا للانقسام إلى اليمين و اليسار و إلى ذلك من الجهات بناء على استحالة الجزء الذي لا يتجزأ .
و لا مانع في هذه الصورة من الحكم بطهارة الدهن إذا أخذت أجزاؤه المنتشرة على الماء لكونها مأخوذة من الماء الطاهر على الفرض .
و لعل الماتن إلى ذلك أشار بقوله : و إن كان بعيد إذا غلى الماء مقدارا من الزمان .
إلا أن هذه الصورة خارجة عن محل الكلام لان البحث إنما هو في طهارة الدهن المتنجس مع بقائه على دهنيته و جوهريته لا فيما إذا أنعدم موضوعه بصيرورته من عوارض الماء .
و قد يلقى الدهن المتنجس على الكر فيغلى و بعد ما برد يؤخذ من علا الماء مع بقائه على دهنيته من دون أن يصير من عوارض الماء .
و لا يمكن الحكم بطهارته في هذه الصورة بوجه لان المطهر لا يصل إلى جميع أجزاء الدهن مرة واحدة ، و إنما يلاقي الماء جانبا من الاجزاء الدهنية فحسب و لا يلاقي بقية جوانبها ، و هذا لا يكفي في الحكم بطهارة الدهن أبدا ، لان الغليان يوجب الانقلاب و به يتبدل الداخل خارجا و بالعكس ، معه إذا طهرنا الجانب الخارج من الدهن بإيصال الكر أليه تنجس بملاقاة الجانب الداخل عند صيرورة الخارج داخلا بالغليان ، لعدم وصول المطهر إلى الاجزاء الدهنية بجميع جوانها و أطرافها دفعة واحدة .
نعم إذا أنقلب ذلك الجزء الداخل المتنجس خارجا طهر لا صاله بالكر