البراءة في المقام وجه ، إلا انه على خلاف الواقع كما عرفت .
الوجه الثاني مما استدل به على مذهب المشهور رواية قرب الاسناد عن ابي جرير الرقاشي قال : قلت لابى الحسن موسى - ع - كيف اتوضأ للصلاة ؟ فقال : لا تعمق في الوضوء و لا تلطم وجهك بالماء لطما و لكن اغسله من اعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا ، و كذلك فامسح الماء على ذراعيك و رأسك و قدميك ( 1 ) . لدلالتها على الامر بغسل الوجه من الاعلى إلى الاسفل ، و قد نوقش في الاستدلال بهذه الرواية تارة من جهة السند و اخرى من جهة الدلالة .
اما من جهة السند فلاجل اشتماله على ابي جرير الرقاشي ، و هو مهمل في الرجال و ذلك لان الرقاشي عنوان لشخصين ليس منهما أبو جرير و هما الحسين بن المنذر ، و محمد بن درياب .
كما ان ابا جرير كنية لجماعة ليس منهم الرقاشي ، فابو جرير الرقاشي مهمل و السند ضعيف .
و دعوى : ان كتاب قرب الاسناد من الاصول المعتبرة فلا يضره ضعف السند كما في الحدائق ساقطة لان كون الكتاب من الاصول المعتبرة لا يتقضي اعتبار كل رواية من رواياته و كيف لا فان كتاب قرب الاسناد لا يزيد في الاعتبار على كتاب الكافي - مثلا - فانه مع كونه من الكتب المعتمد عليها عند الاعلام لا يسوغ الاعتماد على كل رواية مندرجة فيه الا بعد ملاحظة سندها و تماميته ، إذا فهذه المناقشة مما لا مدفع له .
و اما من جهة الدلالة فقد نوقش فيما بان الرواية قد نهت عن التعمق في الوضوء على ما هو داب الوسواسين ، كما نهت عن التلطم بالماء ، و النهي عن ذلك يحتمل امرين .
( أحدهما ) : ان يكون النهي تنزيهيا باعتبار استحباب المسح في
1 - المروية في ب 15 و 30 من أبواب الوضوء من الوسائل .