و علمهم بان العمل انما يصدر منهم بإفاضة الله تعالى ، لا باستقلالهم و معه لا يرون عملا يعجب به .
حيث ليست نسبة أعمالهم إلى نعمه تعالى كنسبة ما يبذله الفقير بالاضافة إلى ما يعطيه الملك مثلا يبذل ألف دينار ، و الفقير يعطى باقة من الكراث ، فيقابل ما اعطاه الفقير لما أعطاه الملك بنسبة الواحد أو الاقل إلى ألف أو الاكثر حيث يصدر العمل من كل منهما باستقلاله .
و هذا بخلاف عمل العبيد بالاضافة إلى نعمه جلت عظمته ، حيث أن عملهم لا يصدر منهم باستقلالهم حتى يقابل بتلك النعم و لو بنسبة الواحد إلى الملايين و انما يصدر عنهم بافاضته ، و من هنا ورد في بعض الاخبار ( 1 ) اني أولى بحسناتك منك .
فالمتحصل : أن المنشا للعجب انما هو الجهل ، بل قد يبلغ مرتبة يرى ان الله لا يستحق ما أتى به من العبادة و لذا بمن بها عليه ( نعوذ بالله منه و من أمثاله ) و ذلك لانه لا يعلم بأنعمه و يرى ان نعمته تعالى لا تقضى إلا الاتيان بالفرائض فحسب و لم يعط ما يستحق به أكثر من الفرائض فيأتي بصلاة الليل ، و يمن بها على الله لاعتقاده عدم استحقاقه تعالى لها ، و انها تفضل من العبد المسكين في حق الله جلت عظمته .
فقد يتعجب عن عدم قضأ حاجته مع انه أتى بما فوق ما يستحقه الله تعالى على عقيدته ، و هذا يسمى بالادلال و هو أعظم من المرتبة المتقدمة من العجب .
و عن بعض علماء الاخلاق ان العجب نبات حبه الكفر .
فلو أبدل الكفر بالجهل لكان أصح .
1 - كما في الحديث القدسي